للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يحققوا التوبة والرجوع سرًّا وعلانية، ولم يستوجبوا الغفران والعفو.

وقوله: (شَكُورٌ) أي: يشكر ويقبل منهم الشكر وإن لم يحققوا له الشكر، ولم يستحقوا قبوله، فضلا منه ونعمة، واللَّه أعلم.

وقال أهل التأويل: (غَفُورٌ) للذنوب، (شَكُورٌ) للحسنات يضاعفها، والله أعلم.

* * *

قوله تعالى: (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ (٢٤) وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (٢٥) وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَالْكَافِرُونَ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ (٢٦)

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ - (أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا) أي: بل يقولون: افترى مُحَمَّد على اللَّه كذبا.

وقوله: (فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ) اختلف فيه:

قَالَ بَعْضُهُمْ: (فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ) بالصبر حتى لا تجد مشقة استهزائهم بك، ولا غصة تكذيبهم إياك.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: فإن يشأ اللَّه أن ينسيك القرآن فلا تبلغه إليهم فلا يستهزئوا بك، ولا يكذبوك، أو كلام نحوه.

وعندنا أنه يخرج على وجهين:

أحدهما: ما ذكرنا بدءًا (فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ) بالصبر حتى لا تجد مشقة الاستهزاء ولا غصة التكذيب.

والثاني: يحتمل: (فَإِنْ يَشَإِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ) كما ختم قلوب أُولَئِكَ الكفرة حتى لا تفهم ولا تعقل الحق من الباطل، كما فعل بأُولَئِكَ، يذكره إحسانه إليه وفضله بما أكرمه بأنواع الكرامات التي أكرمه بها؛ ليشكر ربه على ذلك، ويرحم على أُولَئِكَ بما ختم على قلوبهم، وما ينزل بهم من أنواع العذاب وعلى ذلك بلغ أمره - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من المرحمة والشفقة عليهم ما ذكر (فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ. . .) الآية، وقوله - تعالى -: (فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ)، كادت نفسه تهلك إشفاقًا عليهم

<<  <  ج: ص:  >  >>