للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَيْكُمْ) حقيقة الخوف؛ لما لم ييئس من إيمانهم واتباعهم إياه؛ لذلك لم يقطع فيهم القول بنزول العذاب بهم، واللَّه أعلم.

ويحتمل أن يكون الخوف هو العلم حقيقة؛ أي: أعلم أن ينزل بكم عذاب يوم عظيم إن ختمتم على ما أنتم عليه، وقد يذكر الخوف في موضع العلم.

وقوله: (قَالُوا أَجِئْتَنَا لِتَأْفِكَنَا عَنْ آلِهَتِنَا ... (٢٢) أي: قالوا لهود - عليه السلام -: أجئتنا لتصرفنا عن عبادة آلهتنا.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: لتردنا عن عبادة آلهتنا.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: لتكذبنا في آلهتنا، والإفك: الكذب؛ وكله واحد.

وأصل الإفك: الصرف؛ كأنهم قالوا: أجئتنا لتصرفنا عن عبادة آلهتنا، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) كانوا يقولون ذلك استهزاء به منهم، ولم يزل الكفرة يسألون ويستعجلون العذاب الذي كانوا يوعدون استهزاء منهم وتكذيبًا بما يوعدون، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالَ إِنَّمَا الْعِلْمُ عِنْدَ اللَّهِ وَأُبَلِّغُكُمْ مَا أُرْسِلْتُ بِهِ وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ (٢٣).

أجابهم هود - عليه السلام - أن العلم بنزول العذاب ووقته عند اللَّه، وأبلغكم ما أرسلت به من الدعاء إلى توحيد اللَّه - تعالى - والنهي عن عبادة غيره.

أو يقول: أبلغكم ما أمرت من التبليغ بنزول العذاب بكم، ولست أبلغكم أنه متى ينزل بكم؟ لما لم أومر به.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَكِنِّي أَرَاكُمْ قَوْمًا تَجْهَلُونَ) دين اللَّه، أو تجهلون آيات الله وقبولها، أو تجهلون نعم اللَّه وإحسانه، أو تجهلون أمر اللَّه تعالى.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ (٢٤).

قَالَ بَعْضُهُمْ: العارض: السحاب، فقالوا: هذا سحاب ممطرنا، وكان حقيقة العارض الريح التي فيها عذاب أليم ظنوا أنها سحاب، ولم تكن سحابًا، ولكن كانت ريحًا، لكن من ذلك الجانب كان يأتيهم السحاب الممطر؛ لذلك، (قَالُوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلْ هُوَ مَا اسْتَعْجَلْتُمْ بِهِ) كأن هودًا - عليه السلام - قال لهم: ليس هو بعارض ممطر، ولكن هو ما استعجلتم به من العذاب حيث: قلتم: (فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ) هو ريح فيها عذاب أليم.

ثم وصف تلك الريح فقال كما أخبر اللَّه - تعالى - بقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا ... (٢٥) يخرج قوله: (تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا) على وجهين:

<<  <  ج: ص:  >  >>