للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عزَّ وجلَّ -: (لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا) يحتمل: لن يضروا اللَّه بكفرانهم نعمه أو كفرهم بوحدانية اللَّه - تعالى - ومعناه - واللَّه أعلم -: أنه ليس يأمر بما يأمر أو ينهى عما ينهى لدفع مضرة عن نفسه، أو لجر منفعة إلى نفسه، ولكن يأمر وينهى لحاجة أنفس أُولَئِكَ ولمنافعهم، فهم بتركهم اتباع أمره والانتهاء من نهيه، ضروا أنفسهم، واللَّه أعلم.

وجائر أن يكون المراد من قوله (لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا) أي: لن يضروا أولياء اللَّه بما كفروا وصدوهم عن سبيله؛ بل ضروا أنفسهم؛ كقوله - تعالى -: (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ)، أي: إن تنصروا أولياء اللَّه ينصركم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ).

يحتمل حبط الأعمال بالارتداد بعد الإيمان، وإحداث الكفر بعد الإسلام.

ويحتمل أعمالهم التي كانت لهم بالإيمان قبل بعثه عليه السلام.

* * *

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ (٣٣) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ مَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ (٣٤) فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ (٣٥) إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (٣٦) إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ (٣٧) هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ (٣٨).

وقوله - عز وجهل -: (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ).

قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: أطيعوا اللَّه في الجهاد، ولا تبطلوا حسناتكم بالرياء والسمعة.

وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (يَا أَيُّهَا الذين آمنوا اتقوا اللَّه وأطيعوا الرسول).

ويحتمل: ولا تبطلوا أعمالكم بالارتداد والكفر بعد الإيمان.

ويحتمل: أي: لا تبطلوا أعمالكم بالمنِّ على اللَّه، أو على الرسول في الإسلام؛ أي: تسلمون ممتنون على اللَّه أو على رسوله؛ كقوله - تعالى -: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ. .) الآية.

وقال قتادة: ولا تبطلوا أعمالكم بالرياء، وقال: فمن استطاع منكم ألا يبطل عملا صالِحًا بعمل شر فليفعل؛ إن الشر ينسخ الخير، وإنما ملاك العمل بخواتيمه، فمن استطاع أن يختم بخير فليفعل، ولا قوة إلا باللَّه.

<<  <  ج: ص:  >  >>