للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (٩) خاطب بهذا البشر كلهم وفي الأول خاطب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، كأنه يقول على الجمع بينهما في الخطاب: أرسلناك رسولا شاهدًا؛ لتؤمنوا أنتم باللَّه ورسوله.

ويحتمل أن يكون على الإضمار؛ أي: إنا أرسلناك مبشرًا ونذيرا، وقل لهم: إنما أرسلت لتؤمنوا باللَّه ورسوله، وهو كقوله - تعالى -: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ)، معناه: يَا أَيُّهَا النبي، قل لهم: إذا طلقتم النساء، فطلقوهن لعدتهن، فعلى ذلك جائز ما ذكرنا، واللَّه أعلم.

وقرئ بالياء، وهي ظاهرة.

ثم الإيمان باللَّه - تعالى - هو أن يشهد له بالوحدانية والألوهية، وأن له الخلق والأمر في كل شيء وكل أمر.

والإيمان برسوله: هو أن يشهد له بالصدق في كل أمر، وبالعدالة له فيما يحكم ويقضي، ويصدقه في كل ما يقوله، ويجيبه في كل ما يدعو إليه، ويطيعه في كل أمر يأمر به، وينهى عنه؛ واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَتُعَزِّرُوهُ) اختلف فيه:

قَالَ بَعْضُهُمْ: أي: تنصروه وتعينوه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: أي: تطيعوه.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: أي: تعظموه.

فمن يقول: إن قوله: (وَتُعَزِّرُوهُ) ليس على النصر والإعانة، ولكن على التعظيم، أو على الطاعة - استدل بما قال في آية أخرى: (وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ)، ذكر التعزير وعطف النصر عليه؛ والمعطوف غير المعطوف عليه، فدل أنه غير النصر، ولكن جائز أن يذكر الشيء الواحد بلفظين مختلفين ومعناهما واحد على التأكيد، وكذلك من يقول بالتعظيم يقول: أمرهم بتعظيمه في الحرفين؛ أعني: قوله: (وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ) وذلك جائز في الكلام.

ويحتمل أن يكون التعزير هو الطاعة له، والتوقير هو التعظيم، وفي الطاعة له تعظيمه، واللَّه أعلم.

ومن قال بالنصر والمعونة في التبليغ تبليغ الرسالة إلى الخلق، والدفع عنه، والذب،

<<  <  ج: ص:  >  >>