للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ (٣٨).

هذا يخرج على وجهين:

أحدهما: أم لهم سبب وقوة؛ فيصعدون السماء؛ فيستمعون من أخبارها؛ فعلموا بذلك أن محمدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - تقوَّل على اللَّه تعالى.

والثاني: (أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ)، أي: لهم حجة وبرهان يستمعون فيه أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - على ما ذكروا، فإن قالوا: نعم لنا ذلك، يقال لهم عند ذلك: (فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ) أي: بحجة بينة، أي: ليس لهم ذلك، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ (٣٩).

هذا ليس من نوع ما سبق ذكره؛ لأن ما تقدم من الآيات بينهم وبين رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - على المقابلة، وهذا راجع إلى اللَّه تعالى في الظاهر على ما سبق منهم القول: إن الملائكة بنات اللَّه، وهو ما قال: (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ)، يذكر سفههم في نسبتهم البنات إلى اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - وهم يأنفون من نسبتهن إليهم، فيسكن بذلك صدر رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، ويصبره على أذاهم، أي: إنهم يقولون فيَّ ما قالوا؛ فاصبر على ما يقولون فيك، واللَّه أعلم.

ويحتمل أن خرج ما ذكرنا من المقابلة برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، ومعناه: أم لرسول الله البنات، ولكم البنون؛ فتتركون اتباعه لذلك؟! واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْرًا فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ (٤٠).

أي: لست تسألهم أجرا على اتباعك، فيمنعهم ذلك عن اتباعك، يذكر أن ليس لهم أسباب المنع، وهذه أسباب المنع، وإنما امتنعوا عن الاتباع تعنتا ومكابرة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ (٤١) أي: عندهم علم الغيب؛ فيعلمون أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - تقوَّله؛ بل ليس عندهم ذلك.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ يُرِيدُونَ كَيْدًا فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ (٤٢).

أي: يريدون كيدا برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، لكن هم المكيدون، أي: إليهم يرجع ذلك الكيد، والذي أرادوا برسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.

ثم يحتمل ذلك الكيد الذي أخبر - عَزَّ وَجَلَّ - أنه عليهم في الدنيا؛ على ما قاله أهل التأويل: إنهم قتلوا يوم بدر، ويحتمل ذلك في الآخرة.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٤٣).

أي: أم لهم إله يأمرهم بالذي يدعون على رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -؟ أي: أم لهم إله غير الله

<<  <  ج: ص:  >  >>