للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ما كان وأراد، لا يفسر ذلك، وكذلك قول من يقول في قوله تعالى: (ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى): إنه دنا من ربه - قول [وخش]، فيه إثبات المكان والتشبيه؛ تعالى اللَّه عن ذلك، ولكن المراد ما ذكرنا: أن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - دنا من جبريل - عليه السلام - على ما ذكرنا.

ثم في قوله تعالى: (مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى)، وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى. . .) إلى آخره ذكر خصوصية رسولنا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من بين غيره من الخلائق، منها: رؤية جبريل - عليه السلام - على صورته، ورؤية الرب تعالى بقلبه؛ إن ثبت الحديث عنه، وبلوغه إلى سدرة المنتهى؛ إذ لم يذكر لأحد من رسل اللَّه تعالى: أنه بلغ هذا المبلغ سواه.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى (١٢).

عن ابن مسعود وابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما - أنهما قرآ مفتوحة التاء بغير ألف، ومعناه: أفتجحدونه؟!.

وعن الحسن بالألف مضمومة التاء، وقال: معناه: أفتجادلونه؟!

وعن شريح مثله.

قال أبو عبيد: فالأولى أن يقرأ بمعنى الجحود؛ وذلك أن المشركين إنما كان شأنهم الجحود فيما يأتيهم من الخبر السماوي، وهو أكبر من المماراة والمجادلة.

وقيل: (أَفَتُمَارُونَهُ) أي: تشككونه على ما يرى؟

وقال أبو بكر الأصم: لا تصح القراءة بغير ألف ولا تأويله، إنما القراءة بالألف، وتأويله: أفتجادلونه؟!

ونحن نقول بأن تأويل ما ذكر من الجحود والقراءة صحيح، وتأويل من قال: أفتجادلونه على ما يرى؟! لا يحتمل؛ لأن مجادلتهم لا تكون فيما يرى، لكن يجادلونه على ما يخبر أنه يرى، إذ في الخبر يقع التكذيب، وبه يجادلونه، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (١٣).

فهو على ما ذكرنا من اختلاف الناس أن ما أيش هو؟ واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى (١٤).

قيل: سمي ذلك الموضع سدرة المنتهى، لما انتهى إليه علم الخلق؛ فلا يجاوزه.

<<  <  ج: ص:  >  >>