للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إثبات النكاح إذا كان ثم شهود؛ ولكن فيه نفى النكاح بغير شهود تصريحًا.

ألا ترى أَن من قال: لا نكاح إلا بشهود، لا يسأل أن: لِم قلت: إن النكاح يجوز بالشهود؟ ولكن يسأَل أنْ: لِمَ قلت: إنه لا يجوز بغير شهود؟ فعلى ذلك قوله: (لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى) ليس فيه إثبات الدخول لهم تصريحًا، وفيه نفي دخول غيرهم تصريحًا، واللَّه أعلم.

وقوله: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ).

قد قلنا إنه خرج مخرج الرد عليهم، والإنكار لحكمهم على اللَّه؛ فقال: بل يدخلها من أسلم وجهه لله وهو محسن.

ثم اختلف في قوله: (أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ).

قيل: أخلص دينه لله وعمله.

وقيل: أَسلم نفسه لله.

وقد يجوز أن يذكر الوجه على إرادة الذات، كقوله: (كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) أي: إلا هو.

وقيل: أَسلم، أي: وجه أمره إلى دينه فأخلص. وبعضُه قريب من بعض.

أَسلم نفسه لله أَي بالعبودية؛ كقوله: (وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ).

وذلك معنى الإسلام: أن تُخْلص نفسك لله، لا تجعل لأحد شركًا من عبودة، ولا من عبادة.

وقوله: (فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).

قد ذكرنا متضمنها فيما تقدم.

وقوله: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ (١١٣)

فَإِنْ قِيلَ: كيف عاتبهم بهذا القول، وقد أَمر نبيه - عليه السلام - في آية أُخرى أَن يقول لهم ذلك: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ)؟.

قيل: إنما أَمر نبيه: أَن يقول لهم: إنهم ليسوا على شيء إذا لم يقيموا التوراة، فأما إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>