للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أفعال العباد صنعا وتدبيرا، وإن كان أفعالهم كلها مخلوقة لله لا تخرج عن تدبيره ومشيئته، واللَّه المستعان.

* * *

قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (١٠) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١١) يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (١٢) وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (١٣) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ فَآمَنَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَتْ طَائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (١٤).

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ).

الإيمان باللَّه: أن يؤمن بأنه الواحد الأحد، الصمد الفرد، الذي لم يلد، ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، ويؤمن بأن له الخلق والأمر، وأنه قادر لا يعجزه شيء، وعليم لا يخفى عليه شيء، وحكيم لا يخرج خلقه الأشياء المختلفة من السراء والضراء، والظلمة والنور، والمرض والصحة، عن حكمته.

وأنه ليس كما قالت الثنوية: إن خالق الظلمة والشر والقبيح غير خالق النور؛ بل يعلمه أنه خالق كل شيء، سواء من ظلمة ونور، وشر وخير، وسقم وصحة.

ولا على شبيه ما قالت المجوس: إن اللَّه تعالى غفل غفلة فتولد منه الشيطان؛ بل هو لا يغفل عن شيء، ولا يخفى عليه شيء.

ولا على ما قالت النصارى: حيث شبهوه بالخلق حتى أجازوا أن يكون له ولد.

ولا على ما قالت القدرية: إنه لا يقدر شيئا من الشر والسقم والوجع.

ولا على ما قالت المعتزلة: إنه ليس له في أفعال العباد صنع وتدبير؛ بل يعلمه عليما بكل شيء، قديرا على كل شيء، متعاليًا عن كل شيء من معاني الخلق، متنزها عن كل آفة وحاجة وعيب، فهذا هو الإيمان باللَّه تعالى عندنا، واللَّه تعالى أعلم.

والإيمان بالرسول: هو أن يؤمن بأن ما جاء به - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وفهو حق وصدق.

وقوله: (وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ).

هذا على وجهين:

أحدهما: أن يقاتلوا أعداء اللَّه تعالى.

والثاني: أن يجاهدوا في طاعة اللَّه تعالى، وفيما دعا إليه من الأمر بالجهاد ينصرف

<<  <  ج: ص:  >  >>