للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم قوله: (تَوَّابًا)، على التكثير، أي: يقبل توبة بعد توبة، أي: إذا تاب مرة، ثم ارتكب الجرم وعصاه؛ ثم تاب ثانيا، وثالثا، وإن كثر؛ فإنه يقبل توبته.

والثاني: (تَوَّابًا)، أي: رجَّاعا يرجعهم ويردهم عن المعاصي، إلى أن يتوبوا، أي: هو الذي يوفقهم على التوبة.

ثم قال: (تَوَّابًا)، ولم يقل: " غفارًا "، وحق مثله من الكلام أن يقال: " إنه كان غفار "؛ كما قال في آية أخرى: (اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا)، ولكن المعنى فيه عندنا: أن المراد من الاستغفار ليس قوله: " أستغفر اللَّه "، ولكن أن يتوب إليه، ويطلب منه المغفرة بالتوبة؛ (إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا).

ويجوز أن يكون فيه إضمار؛ كأنه قال: " واستغفره، وتب إليه؛ إنه كان توابا ".

ويجوز أن يستغنى بذكر الاستغفار في السؤال عن ذكره في الجواب، وأحرى أن يستغنى بذكر التوبة في الجواب عن ذكرها في السؤال، وقد يجوز مثل هذا في الكلام.

ثم الدِّين اسم يقع على ما يدين به الإنسان، حقا كان أو باطلا، وعلى ذلك أضاف النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ما كان يدين به إلى نفسه، وما دان به الكفرة إليهم، حيث قال: (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)، وأما إضافته إلى اللَّه - تعالى - حيث قال: (يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا) الآية؛ لأنه الدِّين الذي أمرهم به، ودعاهم إليه؛ لذلك خرجت الإضافة والنسبة إليه، واللَّه أعلم بالصواب.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>