للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) أن النكاح قد أنفسخ حيث أباح لغير الأزواج التزوج. وفي قوله: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ)، أنه الاستمتاع بذوات الأزواج إذا سبين، وقال: (وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ)، ذكر جملة النساء ونهى الرجل عن التمسك بعصمتهن. واسم الشرك اسم لفريق بالإطلاق، واسم الكفر للجملة، على ما قال: (وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً) الآية، وقال: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ. . .) الآية، وغير ذلك مما جمع في اسم الكفر وعرف بأسماء المذاهب، وجعل اسم (الشرك) في التفريق. فدلت هذه الآيات على الحرمة في قوله: (وَلَا تَنكِحُوا. . .) الآية، ويدل قوله في آخر الآية: (أُولَئِكَ يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ) على ذلك، ومعلوم أن أول دعائهم إلى النكاح، فصير ذلك سببًا للنار.، وما يوجبها حرام.

ثم فيها دلالة عموم الآية في الذكور؛ لأنه في تعارف الخلق: أن الرجال هم الذين يدعون، لا النساء، والنساء تتبعهم. وذلك المعنى في رجال أهل الكتاب وغيرهم سواء، فتكون الحرمة فيهم سواء. وعلى ذلك المروي من الخبر: أن رجلًا أسلم وتحته ثماني نسوة وأختان ونحو ذلك فأسلمن. دل أنهن يتبعن الرجال، لا أنهن يدعون إلى ما يخترن من الدِّين. واللَّه أعلم.

ثم الدليل على أن النهي أيضًا نهي تحريم في قوله: (وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ)، أنه لولا خبث فيهن في الحقيقة يوجب حرمة الاستمتاع لكان لا ينهى عن التناكح، وذلك من أبلغ أسباب دعوتهن إلى الإسلام بما ذكرت من الفرق في طاعتهن الأزواج فيما يختارون من الدِّين في المتعارف بمن رويت فيهن الخبر، وخاصة ذلك في المشركات أحق في الحل منه في الكتابيات؛ إذ هن إنما أخذن دينهن عن آبائهن بالاعتياد والتقليد، ومعلوم اعتيادهن ما فيه رضاء الأزواج وإيثار ذلك على ما فيه رضاء الآباء حتى يؤثرنهم عليهم بما جعل اللَّه بينهم مودة ورحمة. والكتابيات أخذن دينهن لما علمن أنه دين الرسل وأنهن أمرن بالتمسك به. فإذا نهوا عن نكاح المشركات وأبيحوا نكاح الكتابيات -

<<  <  ج: ص:  >  >>