للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في العشر إن كان الوقت يضيق عنه في رفع الصلاة، فكذا في أمر القربان. واللَّه أعلم.

وعلى ما ذكرت من العرف ينصرف أمر الوقت: أنها لو أخرت الاغتسال عن وقت الصلاة فإن للزوج أن يقربها بما لزمها من قضاء الصلاة، وهذا النوع من الأذى لا يمنع لزوم القضاء. وحصل الخطاب على الوقت بالعرف أنهن لا يتأخرن، وبما ذكرت عن لزوم القضاء الذي يمنعه حكم الأذى، وبذلك صار غسل الحيض كغسل غيره من الأحداث، وهو لا يمنع القربان. واللَّه أعلم.

وحرم إتيان الأدبار، بما عليه اتفاق الآثار، وبما خص المكان بالأمر بالقربان، وبما أمر بالاعتزال للحُيَّضِ، ولو كان يحل غِشْيانهن في الأدبار لم يكن للأمر بالاعتزال معنى؛ إذ قد بقي أحد الموضعين من المقصود بالغِشْيان لو احتمل. واللَّه أعلم.

والأصل في ذلك: أن الحل في الابتداء لم يتعلق بقضاء الشهوات، ولا كان هذا لها، وإنما القضاء للشهوات خاصة الجنة، فأما الدنيا فإنما جعلت لقضاء الحاجات؛ إذ بها يكون بقاء النسل والأبدان، وبها يكون قوام الأبدان ودوام الحياة إلى انقضاء الأعمار، وركبت فيهم الشهوات لتبعثهم على قضاء تلك الحاجات؛ إذ لولا الشهوات لكان كل أمر من ذلك على الطباع يكون كالأدوية الكريهة والمحنة الشديدة، فخلق اللَّه تعالى فيهم الشهوات ليدوم ما به جرى تدبيره في أمر العالم، ولا تتعلق الحاجات بإتيان الأدبار. ولو أحلت لكان الحل لحق الشهوة خاصة، والدنيا لم تخلق لها؛ فلذلك لم تجعل بها حل مع ما لو كان يحتمل ذلك لاحتمل التناكح في نوع؛ فإذا لم يحتمل بأن أن ذلك إنما جعل للنسل. واللَّه الموفق.

وقال بشر: إذ حرم الغشيان للحُيَّضِ بما هو أذى، وهو يكون على ما يتقذر، فالذي مجراه الدبر والذي منه يخرج من الأذى أوحش وأخبث، وذلك قائم في كل الأوقات، كقيام الحيض في أوقاته، فالحرمة لذلك أشد، ذكر بوجه، أمكن أن يبسط ما قال على الذي وصفته. واللَّه أعلم.

وقوله: (فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ).

قيل فيه بوجوه:

<<  <  ج: ص:  >  >>