للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المثل ليدفع إليها، إذ لها حق الامتناع إلا به، فاصطلاحها على ما سميا من بعد له حق ما في الحكم ذلك وهو التبيين، ولو بينه الحاكم لكان يسقط. فمثله هذا. واللَّه أعلم.

والثالث: أنه معلوم أنه لو كان الذي في علم اللَّه تعالى من طلاقها، لو كان ظاهرًا وقت التسمية، لكان حقها عليه المتعة، ولم يكن يجب النظر إلى مهر المثل إلا من وجه تحديد المتعة. فكذلك إذا ظهر - واللَّه أعلم - وأمكن أن يقال: الأصل في ذلك أن المتعة ليس يوجبها الطلاق، ولكن النكاح يوجب، ثم كان الواجب بالنكاح مجهول، لا يدري أهو مهر المثل أو المتعة؟؛ إذ لا يجوز أن يجبا، ولا أن يوجب الطلاق أحدهما، لما هو بيان ذلك؛ فثبت أن الواجب في الحقيفة أحدهما، لكن لها مطالبة مهر المثل في الظاهر، ولها التسمية عنه بما العرف في النكاح أنه للدوام ثم هو للاستمتاع، فحمل الأمر على ذلك الظاهر وبه أجيزت التسمية. فلما ورد الطلاق قبل الدخول ظهر حقيقة الواجب، فبطل الذي كان بحق المهر، لما ظهر أن الواجب في علم اللَّه تعالى المتعة. واللَّه أعلم.

وعلى أصل هذا المعتبر أمر المفروض الظاهر أنه نوع الإيمان، وذلك مما لا يزداد ولا ينتقص، فيجب بالطلاق نصف مهورهن. ثم إذا كان من نوع ما يزاد وينقص فيحدث أحد الوجهين، فليس في الكتاب تسمية ذلك النوع على المعروف، ولا القضاء فيه بشيء.

ومعلوم أن ذلك لو كان في يدي الزوج ليجب نصف ذلك فيما كان الطلاق قبل الدخول بها، فيصير بحكم المفروض. وإن لم يكن بما كان حدث من الحق، أو بما كان في علم اللَّه تعالى أن الحق في ذلك النصف؛ إذ ذلك حكم الطلاق قبل الدخول بها على حق المنصوص، فيكون الذي حدث من النصف حقه، أو بما كان ذلك مهرًا والحادث محتمل جعله مهرًا، فهو فيه على ما عليه معتبر الحقوق من لحوق الفروع الأصول. فإذا كان ذلك بعد القبض فقد انتهى أمر الحق، وحدث ما حدث على ملكها، إذ على ذلك يحدث.

فقلنا: لو نقص المهر في العين لكان يصير النصف له بحق بعض القبض فيه، ثم نقض العقد، وإذا كان كذلك لا يخلو أمر الزيادة من أن يرد عليه فيرجع بشيء لم يسلم إليها، وذلك فضل على ما أخذ من الحق يأخذه بالحكم، فيكون ربا؛ لأنه لم يسمه، ولا يسلم إليه، فزال المعنى الذي هو لها فيه، فيكون أخذه بلا عوض في عقد التبادل، فيصير ربا، ولو أبقى له على فسخ القبض في المهر والعقد فيصير ذلك لما فضل من أصل قد فسخ العقد فيه مما لم يكن لها إلا ببدل بلا بدل، وذلك وصف الربا، وقد حرم اللَّه الربا؛

<<  <  ج: ص:  >  >>