للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حبالتي ومنعتها من الأزواج. وتترك المرأة له النصف، فتقول: لم ينظر إلى عورتي، ولا ْتمتع بي. وهو على الإفضال، وعلى ذلك يخرج قوله تعالى: (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)، أن يتفضل أحدهما على الآخر بترك النصف أو بإتمام الكل، ومعنى قوله (وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ)، أي لا تنسوا الفضل الذي في ابتداء الأمر؛ لأن أمر النكاح في الابتداء مبني على التشفع والإفضال، فرغبهما عَزَّ وَجَلَّ على ختم ذلك على الإفضال على ما بُني عليه. واللَّه تعالى أعلم.

وفيه دلالة على أن (العفو) هو الفضل في اللغة، وهو البذل، تقول العرب: عفوت لك، أي: بذلته. فإن كان (العفو) هو البذل فكان قوله: (فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) أي ترك له وبذل، (فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ)، يكون فيه دليل لقول أصحابنا - رحمهم اللَّه تعالى - في ذلك.

وقوله تعالى: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى).

معناه - واللَّه أعلم -: حق على المتقي أن يرغب فيه، وكذا قوله: (حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ)، أن يرغب فيه.

ثم لإضافة ذلك إلى الرجال وجهان:

أحدهما: لما أنهم هم الذين تركوا حقهم، ومن عندهم جاء هذا التقصير.

والثاني: أن في تسليم ذلك من الرجال الكمال، وهم في الأصل موصوفون بالكمال، ومن عندهم يستوفى ما فيه الكمال.

قال الشيخ - رحمه اللَّه تعالى - في قوله: (وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى): يحتمل اشتراك الزوجين في ذلك، لا معنى الأخذ بالعفو والفضل أولى لمن يريد اتقاء دناءة الأخلاق، أو أولى الفضل ممن أكرم باتقاء الخلاف لله تعالى.

ويحتمل: الأزواج بما قد ضمنوا الإمساك بالمعروف والتسريح بالإحسان، فهو أقرب إلى وفاء ذلك واتقاء الخلاف له، على أن سبب الفراق جاء منه، فذلك أقرب لاتقاء الجفاء منهم، وأظهر للعذر لهم فيما اختاروا. واللَّه أعلم.

وقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ).

حرف وعيد عما فبه الئعدى ومجاوزة الحدود والخلاف لأمره.

<<  <  ج: ص:  >  >>