للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: (رُكْبَانًا) على ما عرف عن الركوب، وهو في حال السير، ولم نر الصلاة تقوم مع المشي فيها.

فَإِنْ قِيلَ: صلاة الخوف فيها مشيٌّ، فقامت.

قيل: إن المشي ليس في فعل الصلاة؛ لأنهم في الوقت الذي يمشون لا يفعلون فعل الصلاة، وهو كما يقال: إن الصلاة لا تقوم مع الحدث، فإذا أحدث فيها فذهب ليتوضأ، ليس هو في وقت الحدث مصليًا، وإن بقي في حكم الصلاة. فعلى ذلك المشي في صلاة، ليس هو في فعل الصلاة، وإن كان باقيًا على حكم الصلاة؛ واللَّه أعلم.

وقوله: (فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ)

يحتمل: قوله (كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) وقوله (فَاذْكُرُوا) يحتمل: أن يصرف إلى الصلاة، أي: صلوا كما علمكم أن تصلوا في حال الأمر.

ويحتمل: أن يصرف إلى غيره من الأذكار، كقوله تعالى: (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ).

ويحتمل: أن يصرف إلى الشكر، أي: اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم، واشكروها بي، كقوله تعالى: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ). واللَّه أعلم.

وفي قوله: (عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ)، وقوله: (عَلَّمَ الْقُرْآنَ)، و (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)، دليل أن اللَّه تعالى صنع في فعل العباد حيث أضاف التعليم إلى نفسه، وهو أن خلق فعل التعليم منه؛ إذ لو لم يكن منه فيه صنع لكان أضيف ذلك المعلم دون البيان؛ فدل إضافته إليه على أن له فيه فعلًا. نعوذ باللَّه من السرف في القول والزيغ عن الهدى.

قال الشيخ، رحمه اللَّه تعالى، في قوله: (فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ). أي: صلوا له كما علمكم من الصلاة في حال الأمن، إذ معلوم تقدم الأمر بالصلاة وتعليم حدودها. (وَقُومُوا) في الرخصة في التخفيف بحال العذر.

ويحتمل: اذكروا اللَّه بشكر أنما أمنكم كما علمكم من الشكر له في النعم، وأى ذلك كان فهو الذي علمهم بعد أن كانوا غير عالمين به. واللَّه أعلم. ودل إضافة التعليم في هذه الآية، وكذلك في قوله: (عَلَّمَهُ الْبَيَانَ)، وقوله: (وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ)، إليه على وجود الأسباب من اللَّه تعالى له في الأمرين على أن كان من اللَّه تعالى في أحد الأمرين ما ليس منه في الآخر، ومعنى الأسباب فيهما واحد؛ ثبت

<<  <  ج: ص:  >  >>