للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله تعالى: (قَالَ أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا).

هو على ما ذكرنا.

وقوله تعالى: (فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ).

أراد - واللَّه أعلم - أن يرى الآية في نفسه، والآية هي آية البعث، ويحتمل أن تكون آية في المتأخرين.

وقوله تعالى: (قَالَ كَمْ لَبِثْتَ).

سأل منه - جل وعلا - الاجتهاد بظاهر الحال الذي ظهر عنده، ليظهر أنه اجتهد بدليل أو بغيره على ما يدركه وسعه؛ فبان أن المجتهد يحل له الاجتهاد بما يدرك في ظاهر الحال، وإن كان حكم ما فيه الاجتهاد بالغيب.

قال الشيخ - رحمه اللَّه -: أراد اللَّه تعالى بقوله: (كَمْ لَبِثْتَ)، التنبيه؛ كقوله لموسى: (وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى)، ليريه الآية من الوجه الذي هو أقرب إلى الفهم ثم جهة الأعجوبة فيه بوجهين:

مرة بإماتة الحمار، إذ من طبعه الدوام، ومرة بإبقاء طعامه، ومن طبعه التغير والفساد عن سريع. جعل في بقاء طعامه وحفظه من الفساد آية ومن طبعه الفساد، وفي إحياء حماره بعد إماتته وطبعه البقاء؛ ليعلم ما نازعته نفسه في كيفية الإحياء درك ذلك؛ وهو قوله: (قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).

ثم قيل في وجهةِ ما أراه بأوجه.

قيل: إنه أحيا عينيه وقلبه، فأدرك بهما كيفية الإحياء في بقية نفسه.

وقيل: أحيا نفسه، فأراه ذلك في حماره.

وقيل: إنه أراه ذلك في ولده؛ لأنه أتى شابًّا، وولده وولد ولده شيوخ. وذلك آية.

قال الشيخ - رحمه اللَّه تعالى - في قوله: (ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ. . .) الآية: فإن قال قائل: كيف سأله عن لبثه، وقد علم أنه لم يكن علم به؟ وأيد ذلك إخباره بقوله (لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ).

قيل: القول (كَمْ لَبِثْتَ)، يحتمل وجهين؛ وكذلك القول بقوله: (بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>