للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقيل: إنها منسوخة بالفرائض. لكن هذا لا يحتمل؛ لأنه نسخ وعد في الآخرة، والوعد لا يحتمل النسخ، إلا أن يعنون نسخ عين الصدقة بغيرها، فأما الوعد فهو حالة. واللَّه أعلم.

وقوله تعالى: (وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ).

قيل: (وَاسِعٌ)، غني.

وقيل: (وَاسِعٌ)، جواد، يوسع على من يشاء.

وقوله تعالى: (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى (٢٦٢)

قال المفسرون: للجهاد، خصوا الجهاد بهذا. واللَّه أعلم.

لأن العدو إذا خرجوا لقتال المسلمين خرجوا للشيطان، ويسلكون سبيله وطريقه، والمؤمنون إنما يخرجون ليسلكوا طريق اللَّه تعالى، وينصروا دينه وأولياءه؛ لذلك كان التخصيص له لقولهم، وإلا كان يجيء أن يسمى الطاعات كلها والخيرات (سبيل الله)؛ لأنه سبيل اللَّه وطاعته، كقوله: (الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا).

وقوله: (ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى). اختلف فيه:

قيل: (مَنًّا)، على اللَّه، و (أَذًى)، للفقير.

وقيل: (مَنًّا)، على الفقير، و (أَذًى)، له.

ثم قيل: منه على الفقير عد ما أنفق عليه وتصدق، وأذاه وتوبيخه عليه بذلك. وأما منُّه

على اللَّه تعالى؛ كقوله تعالى: (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (١٧).

وقوله تعالى: (لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)

وقد ذكرنا تأويله فيما تقدم.

وقوله تعالى: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣)

قيل: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ)، كلام حسن، يدعو الرجل لأخيه بظهر الغيب.

وقيل: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ)، يستغفر اللَّه ذنوبه في السر و (وَمَغْفِرَةٌ) له، يغفر له، ويتجاوز عن مظلمته.

وقيل: (قَوْلٌ مَعْرُوفٌ)، الأمر بالمعروف خير ثوابا عند اللَّه من صدقة فيها أذى ومن.

<<  <  ج: ص:  >  >>