للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العبيد والأحرار فيها، فيجب أن تقبل شهادتهم، لكنها لم تقبل للوجوه التي ذكرناها. والله أعلم.

وقوله تعالى: (فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ)، إلى أن قال: (فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى):

قد ذكرنا فيما تقدم أنهن لما جبلن وطبعن على فضل سهو وغفلة، ضمت إليها أخرى لتذكرها الشهادة إذا نسيت.

وفي الآية دلالة أن الرجل إذا نسي الشهادة، ثم ذكر فتذكر، يجوز أن يشهد. وأما إذا أخبر بالشهادة ولم يتذكر، لم يجز له أن يشهد؛ لقوله: (فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى)، إذ لم يقل: " فتخبر إحداهما الأخرى ".

وقوله تعالى: (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ):

فيه دلالة أن من المسلمين من لا يكون مرضيا، وكذلك فيهم من يكون عدلا ومن لا يكون عدلا، دليله قوله تعالى: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ)، لأنه لو لم يكن فيهم مرضيا وغير مرضي لكان يقول: " وأشهدوا رجلين منكم "، ولم يشترط فيه العدالة والرضاء.

وهو على المعتزلة؛ لأنهم يقولون: المسلم لا يكون غير عدل ولا غير مرضي. وفي الآية التي ذكرنا دلالة ما قلنا. واللَّه أعلم.

وفي قوله: (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ)، دلالة أن الشهود إذا شهدوا على المدعى عليه بالحق، وهم مرضيون عنده، يجب أن يؤدي إليه حقه؛ لأنا قلنا: إن قوله: (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ)، أمر باستحضارهم عند الحاكم، فإذا كان كذلك فهو دليل ما قلنا. واللَّه أعلم.

وقوله تعالى: (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا):

احنتلف فيه:

قيل: (وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا) للإشهاد.

وقيل: لا يأبوا إذا ما دعوا للأداء. وهذا أشبه؛ لأن للشهود أن يقولوا: أحضر الخصم هاهنا لتشهدنا عليه، فإنا لا نحضر المكان الذي هو فيه. وليس هذا القول في الأداء، إذ الأداء لا يكون إلا عند الحاكم؛ لذلك كان أولى، كقوله تعالى: (وَلَا تَكْتُمُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>