للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فلما رأوا ذلك من عيسى - عليه السلام - ظنوا أنه ربٌّ؛ لما لم يروا ذلك من غيره، ولو كانوا عرفوا اللَّه حق المعرفة، لعلموا أن لم يكن من عيسى إلا تصوير ذلك الطير وتمثيله، ويكون مثله من كل أحد؛ وإنَّمَا الإحياء كان من اللًه - عَزَّ وَجَلَّ - أجراه على يدي عيسى - عليه السلام - وأظهره، وإنما كان من عيسى تصويره فقط؛ وكذلك ما كان من إبراء الأكمه والأبرص وغير ذلك من اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أجراه على يديه آيات لنبوته؛ لأنهم ادعوا له الربوبية من وجهين: لكونه من غير أب، ولآياته.

ثم قوله: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ) - يحتمل وجهين - واللَّه أعلم -: أحدهما: أن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - صور صورة آدم من طين، ثم جعل فيه الروح، لم يجز أن يقال صار آدم حيًّا من نفسه؛ لوجود صورته، كيف جاز لكم أن تقولوا: إن عيسى لمّا صوَّر ذلك الطير من الطين، صار محييًا له بتصويره إياه دون إحياء اللَّه - تعالى - إياه؟! واللَّه أعلم.

والثاني: أن آدم - عليه السلام - خُلِقَ لا من أب وأم، ثم لم تقولوا: إنه ربٌّ

<<  <  ج: ص:  >  >>