للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توضيح المبهمَات في مسألة كون جدة ميقات

د. عبد الله بن منصور الغفيلي

الحمد لله وصلاة وسلاما على رسول الله، أما بعد:

فهذا بحث مختصر جمعته منذ بضع سنوات، وفي كل مرة تحول دون مراجعته المهمات، وقد تجدد العزم لتحريره وحل مافيه من إشكالات، فكان الرأي أن يطرح هكذا بين أيديكم، لعله يحظى برأيكم وتعديلكم، لاسيما وقد أقبل موسم الحج، لا حرم الله كل مجتهد أجره، وأكرمه وأسبغ عليه فضله، آمين.

الحمد لله كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه أشكره شكر عبد معترف بالتقصير عن شكر نعمه وأفضاله، وأشهد أن لاإله الاالله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً وبعد.

فلقد ظهر في الآونة الأخيرة خلاف بين بعض أهل العلم حول اعتبار مدينة جِدة ميقاتاً مكانياً لأداء مناسك الحج والعمرة مع اتفاقهم على أنها ميقات لأهلها ولما كانت تلك المسائل من مهمات المسائل لمسيس الحاجة إليها، مع كوني لم أقف فيها على بحث يجمع متفرقها ويبين مشتبهها (١)، وإن كنت لا أزعم أنني سأصنع ذلك ببحثي هذا، بل هو إشارات يستضاء بها وعلامات يهتدي بها، إذ المقام يقتضي الاختصار وإلا فهي من المسائل الكبار، وإنما رغبت على إيقاف القاري الكريم على أطرا ف المسألة ووسطها فأقول مستعيناً بالله متوكلاً عليه:

أولا: لقد اختلف أهل العلم في هذه المسألة على أربعة أقوال وسبب خلافهم هو اختلافهم في تفسير المحاذاة وتطبيق معناها على مدينة جدة.

فمن قال بأنّ مدينة جدة محاذية لميقات الجحفة أويلملم فإنه يعتبر مدينة جدة ميقاتاً، ومن لا فلا، ومن قال إن معنى المحاذاة هي كونه الموضوع المحاذي واقعاً بين ميقاتين على خط واحد قال إن مدينة جدة ميقات، ومن لم يفسرها بذلك فلا يعتبر جدة ميقاتاً (٢).

ولذا فإنه يجدر التقديم بتعريف المحاذاة لغة واصطلاحاً فأقول:

إن المحاذاة في اللغة كما قال في القاموس: من حاذاه أي آزاه والحذاء الإزاء الخ .. " (٣).

وقال في اللسان: جاء الرجلان حذيتين أي كل واحد منهما إلى جنب صاحبه " (٤) وقال في المصباح حذوته أحذوه حذواً وحاذيته محاذاة هي الموازاة، وحذوت النعل بالنعل قدرّتها بها وقطعتها على مثالها وقدرها " (٥).


(١) لم أتعرض في هذا البحث لتعريف الإحرام وحكمه، وتعريف المواقيت وأقسامها وأفرادها، وذلك لضيق المقام واختصار البحث وبحث كثير من هذه المسائل ووضوحها
وإني لا أعني بذلك أن المسألة لم تبحث بل قد ألفت فيها عدة بحوث ورسائل قد أفدت منها فمن ذلك
١ - أدلة إثبات ان جدة ميقات لعدنان بن محمد آل عرعور.
٢ - وقد ردّ عليه الدكتور إبراهيم الصبيحي في القسم الثاني في كتابه المسائل المشكلة في مناسك الحج والعمرة.
٣ - جواز الإحرام في جدة لركاب الطائرات والسفن البحرية لعبد الله بن زيد آل محمود.
٤ - المختصر في حكم الإحرام من جدة.
٥ - فتوى لهيئة كبار العلماء في السعودية في أن جدة ليست ميقاتاً.
٦ - وقرار المجمع الفقهي الإسلامي الثاني بتاريخ ١٠/ ٠٤/١٤٠٢هـ في الدورة الثالثة ج٣ ص (١٦١١).
٧ - وفتوى لمصطفى الزرقا في فتاويه ص١٨٧.
٨ - الإحرام من جدة لركاب الطائرات في الفقه الإسلامي لمحي الدين قادي.
٩ - دفع الشدة يجوز تأخير الأفاقي الإحرام إلى جدة " لجعفر بن أبي اللبني الحنفي. وغيرها في البحوث المنشورة العدد الثالث، الجزء الثالث من مجلة مجمع الفقه الإسلامي
(٢) وإن كان جماهير أهل العلم فيما فهمت من كلامهم يعتبرون اتحاد الجهة في المحاذاة خلافا للحنفية في قول عندهم.
(٣) القاموس المحيط للفيروز أبادي ص١٦٤٣،.
(٤) لسان العرب لابن منظور١٤/ ١٦٩
(٥) المصباح المنير في غريب الشرح الكبير للفيومي ١/ ١٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>