للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

[الحديث المدرج]

٢٦ - والمدرجات في الحديث ما أتت ... من بعض الفاظ الرواة اتصلت

تنبيه: [يوجد نقص في شرح الشيخ سعد الحميد للبيقونية، فأكملته بشرحه على نخبة الفكر].

الإدراج، لغة: الإدخال، يقال: أُدرج فلان في الكفن، إذا أدخل فيه.

المدرج: الحديث الذي غُيِّرَ سياق إسناده، أو أدخل في متنه ما ليس منه.

ومن خلال هذا التعريف، نتسطيع أن نعرف أن المدرج ينقسم إلى قسمين: مدرج الإسناد ومدرج المتن.

وللإدراج أسباب:

١ - لبيان حكم شرعي.

٢ - لاستنباط حكم شرعي.

٣ - شرح لفظ غريب.

٤ - أن يكون الإدراج عمدا، وهو يعد من الوضع، كما حصل لـ غياث بن إبراهيم، أنه روى حديثا فيه: " لا سبق إلا في ثلاث:. . . . . . . . . "، زاد " أو جناح ".

والإدراج في المتن له صور، قد يقع في أول المتن، وفي وسطه، وفي آخره:

١ - أن يقع الإدراج في الأول:

مثاله: حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسبغوا الوضوء، ويل للأعقاب من النار "، فهذا رواه أبو قطن وشبابة عن شعبة بن الحجاج عن محمد بن زياد الطحان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم هكذا.

وباقي الرواة الذين رووه عن شعبة وهم من الثقات، رووه مفصولا هكذا: عن أبي هريرة أنه قال: " أسبغوا الوضوء " فإني سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم: " ويل للأعقاب من النار ".

فعبارة " أسبغوا الوضوء " من كلام أبي هريرة لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى هذا فأبو قطن وشبابة أخطآ.

٢ - أن يقع الإدراج في الوسط:

مثاله: حديث الزهري عن عروة عن عائشة، في قصة بدء الوحي، فرواية الزهري جاءت هكذا: " كان النبي صلى الله عليه وسلم يتحنث (وهو التعبد) الليالي ذوات العدد ".

فالزهري أراد أن يبين معنى " التحنث " بأنه التعبد، فهذا إدراج من الزهري في وسط الإسناد.

٣ - أن يقع الإدراج في الآخر:

مثاله: حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " للعبد المملوك أجران، والذي نفسي بيده، لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي، لأحببت أن أموت وأنا مملوك "، قالوا: هذا اللفظ: " لولا الجهاد. . . . . . . . . " مدرج، فلفظ النبي صلى الله عليه وسلم: " للعبد المملوك أجران "، وباقيه من كلام أبي هريرة.

وأما الإدراج في الإسناد، فمن صوره:

١ - يمكن أن يكون بتغيير سياق الإسناد عن طريق تركيب إسناد على متن مستقل.

مثاله: حديث ثابت بن موسى الزاهد، عندما دخل على شريك بن عبد الله النخعي وهو في المسجد يملي حديثا على تلاميذه، يرويه عن الأعمش عن أبي سفيان طلحة بن نافع عن جابر، والحديث هو: " يعقد الشيطان على قافية أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد ..... "، لكن شريك بن عبد الله لما أملى الإسناد توقف، لأجل أن يُملي المستملي على من بعده، دخل ثابتُ بنُ موسى الزاهدُ المسجدَ وسمع الإسناد وحفظه، فلما توقف شريك، التفت إلى ثابت بن موسى الزاهد وهو مقبل عليه، فأخذ يداعبه ويقول: " من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه في النهار "، فانصرف ثابت بن موسى، وهو يظن أن هذا الكلام هو متن ذلك الإسناد الذي أملاه شريك، فأخذ يحدث به.

٢ - أو دمج متنين وسياقهما بإسناد واحد.

٣ - أو زيادة لفظة تأتي في حديث آخر، تُؤخذ وتدمج في حديث مشابه، ويُساق معه بنفس الإسناد.

بم يُدرك الإدراج؟:

١ - أن يرد هذ الإدراج منفصلا في رواية أخرى، كما في رواية " أسبغوا الوضوء ".

٢ - أن ينص إمام من أئمة الحديث الجهابذة النقاد بأن هذا اللفظ مدرج.

٣ - أن يبين الراوي الذي أدرج، أنه هو الذي أدرج هذه اللفظة، كأن لو قال الزهري: " قلت: التحنث: التعبد " فهنا يكون قد صرح بذلك.

٤ - إستحالة أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم قد قاله، كما في حديث أبي هريرة السابق: " لولا الجهاد والحج وبر أمي لأحببت أن أموت وأنا مملوك "، فلا يمكن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يتمنى أن يكون مملوكا، ثم إنه قال " وبر أمي " وأمه - عليه الصلاة والسلام - ماتت وهو صغير.

مصنفات في الإدراج:

- الفصل للوصل، المدرج في النقل، للخطيب البغدادي.

- تقريب المنهج في ترتيب المدرج، اختصره الحافظ ابن حجر من كتاب الخطيب السابق، ولكنه غير معروف إلى الآن.

<<  <   >  >>