للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي رواية "ثلاثة صفوف" وفي رواية "أمّة". وقد سئل أبو المليح عن الأمة فقال: "اربعون" (١). ونقل النووي عن القاضي عياض-القول: ((هذه الأحاديث خرجت أجوبة لسائلين سألوا عن ذلك. فأجاب كل واحد منهم عن سؤاله)) (٢) وذكر الإمام النووي احتمالات فقال: ((ويحتمل أن يكون قد أُخبر - صلى الله عليه وسلم - بقبول شفاعة المئة ثم أُخبر عن الأربعين ثم عن ثلاثة صفوف وإن قلّ عددهم)).

ويحتمل ((أن يكون العدد غير معتبر على رأي جمهور الأصوليين فلا يلزم من الأخبار عن قبول شفاعة مئة منع قبول ما دون ذلك وكذا في الأربعين مع ثلاثة صفوف وحينئذٍ كلّ الأحاديث معمول بها ويحصل الشفاعة بأقل الأمرين من ثلاثة صفوف وأربعين)) (٣).

ونقل المباركفوري- عن القاري أنّ ((أقل الصفوف أثنان على الأصح)) (٤)، والذي يبدو لي -والله أعلم- أنّ العبرة بالجمع من الناس لا بتحديد العدد. وأن يكون هؤلاء الجمع كلهم من أهل الأيمان ممن تقبل شفاعتهم، فهناك صنف من الناس لا تقبل شفاعتهم ولا شهادتهم عند الله كما ثبت ذلك بحديث أبي الدرداء - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ((لا يكون اللعانون شفعاء ولا شهداء يوم القيامة)) (٥)، يقول الإمام النووي أي: ((لا يشفعون يوم القيامة حين يشفع المؤمنون في إخوانهم الذين استوجبوا النار ... )) (٦)، فلا تصح شفاعة هؤلاء اللاعنين لأولئك الميتين-والله أعلم-.

[المطلب الخامس: شفاعة الزمن:-]

لبعض أيام الزمن فضل يختلف عن غيره من الأيام. وقد خصت هذه الأمة بيوم الجمعة فقد جاء من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من مسلم


(١) انظر حديث برقم (٩٥).
(٢) شرح مسلم، النووي ٧/ ١٧.
(٣) شرح مسلم،٧/ ١٧ بتصرف يسير، وانظر بذل المجهود، السهارنفوري ١٤/ ١٣٧.
(٤) تحفة الاحوذي ٤/ ١١٣.
(٥) أنظر تخريجه برقم (٨٢).
(٦) شرح مسلم ١٦/ ١٤٩.

<<  <   >  >>