للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التي تتكلم عن كونها -لا اله إلا الله- تدخل الجنة فأنه لا ينفي دخول النار أولاً (١).

وقد عدها الحافظ أبن حجر من أنواع الشفاعات الأخروية فقال (( ... وشفاعة أخرى، وهي شفاعة فيمن قال لا اله إلا الله ولم يعمل خيراً قط)) (٢).

ومن مجموع الأحاديث الواردة نجد التعارض قائماً-ظاهراً- فالاحاديث التي مرت تفهم أن من قال لا اله إلا الله لم تمسه النار مطلقاً، وإلا فما معنى: لا تمسه النار؟؟ أو لاتطعمه النار؟؟ وفي المقابل جاءت أحاديث أخرى صحيحة تصرح أن من قال لا اله إلا الله قد يكون من أهل النار ثم تدركه الشفاعة كما جاء في الحديث: ((يخرج من النار من قال لا اله إلا الله وكان في قلبه مثقال شعيرة من خير ... )) (٣) الحديث.

وقد إختلف أهل العلم في توجيه هذه النصوص اختلافاً بينا، فقد ذهب الإمام البخاري إلى أن معنى "وأن زنى وأن سرق": أي من تاب عند الموت قبل الغرغرة وهذا هو ما فهمه أبو ذر - رضي الله عنه -.

وذهب قسم آخر إلى ان دخول الجنة قد يكون ابتداءً، وقد يكون بعد المجازاة على المعصية، وفي ذلك يقول الحافظ أبن حجر: ((والأول هو وفق ما أفهمه أبو ذر، والثاني أولى للجمع بين الأدلة)) (٤).

وروي عن سعيد بن المسيب والزهري -رحمهما الله- في تأويل الأحاديث الواردة في أن "من شهد أن لا اله إلا الله دخل الجنة" وفي بعضها "حرم على النار": أن ذلك قبل نزول الفرائض والأمر والنهي. ذكره الحافظ ابن حجرثم تعقبه فقال: ((ووجه التعقيب ذكر الزنا والسرقة فيه)) (٥).

وروي عن الحسن البصري: ((على من قال الكلمة وأدى حقها بأداء ما وجب واجتناب ما نهى)) (٦)، وقد رجحه الطيبي (٧).


(١) انظر فتح الباري، أبن حجر١١/ ٣٢٥، وانظر شرح مسند أبي حنيفة، ملا علي القاري ص٣١١.
(٢) فتح الباري١١/ ٥٢٣.
(٣) انظر تخريجه برقم (١٠٠).
(٤) فتح الباري١١/ ٣٢٤،وانظر شرح مسلم، النووي٢/ ٩٧، وانظر عمدة القاري-العيني٨/ ٥.
(٥) فتح الباري، سبق.
(٦) فتح الباري، سبق، وانظر شرح مسلم١/ ٢١٩و٢٢١.
(٧) فتح الباري، سبق.

<<  <   >  >>