للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجاء في بعض الروايات الجزم: "ان الله اطلع ... " (١). واما قوله "اعملوا ما شئتم". فالبعض من أهل العلم قال: هي للتشريف، وبعضهم قال هي للبشارة بعدم الذنوب في المستقبل، وبعضهم قال: هي بشارة بغفران الذنوب بعد وقوعها، وهذا الاخير هو الذي رجحه الحافظ إبن حجر بعد ان عرض الاقوال الاخرى، وهو اقربها إلى معنى الحادثة. (٢).

وقوله - صلى الله عليه وسلم - ((فاني قد غفرت لكم)) فقد ذكر الحافظ إبن حجر اقوالاً عدة منها: ((انها في الذنوب الماضية واستدلوا كون الفعل بصيغة الماضي "غفرت" ... ولو اراد المستقبل لقال: سأغفرها)) (٣).

وتعقب هذا القول ((بأن الحديث لو كان للماضي لما حسن الاستدلال به في قصة حاطب لانه - صلى الله عليه وسلم - خاطب به عمراً منكراً عليه ما قال في امر حاطب وهذه القصة كانت بعد بدر بست سنين فدل على ان المراد ما سياتي واورده في لفظ الماضي مبالغة في تحقيقه)) (٤).

وأخرج البخاري بسنده عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: ((قال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الحديبية: أنتم خير أهل الارض وكنا الفاً واربعمائة ولو كنت ابصر اليوم لاريتكم مكان الشجرة)) (٥).

قال إبن حجر: ((فهذا يدل على انه كان يضبط مكانها بعينه وإذا كان في اخر عمره بعد الزمان الطويل يضبط موضعها ففيه دلالة على انه كان يعرفها بعينها لان الظاهر انها حين مقالته تلك كانت هلكت أما بجفاف أو بغيره واستمر هو يعرف موضعها بعينه)) (٦).

وقد ثبت بالسند الصحيح ان عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - لما بلغه ان قوماً ياتون الشجرة ويصلون عندها، امر بقطعها فقطعت (٧).

فهنيئاً لهذا الجيل الامثل الذين باعوا انفسهم لبارئها فانزل الله سكينته على قلوبهم فامتلات نوراً فكانت نوراً على نور، وحري باحدهم ان يفتخر بانه كان مع اولئك الذين


(١) انظر فتح الباري ٧/ ٣٨٨.
(٢) فتح الباري، ٧/ ٣٨٨ ..
(٣) مصدر سابق.
(٤) مصدر سابق.
(٥) صحيح البخاري، المغازي (٤١٥٤)،وانظر المسند الجامع ٤/ (٢٩١٥).
(٦) فتح الباري٧/ ٥٦٨ - ٥٦٩.
(٧) انظر فتح الباري، إبن حجر ٧/ ٥٦٨ - ٥٦٩.

<<  <   >  >>