للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبعض الأمور الدنيوية، وهذا سيدفع المسلم إلى العمل الصالح، وسيجنبه الكثير من المعاصي، فكل صغيرة، وكبيرة عملت بها هنا ستجازى عليها يوم القيامة، قال تعالى: ((فمن يعمل مثقال ذرةٍ خيراً يره، ومنْ يعمل مثقال ذرةٍ شرا يره)) (١).

لذا فإن الشفاعة تدفع المسلم إلى العمل الصالح، وفعل الطاعات، واليك الأمثلة على ذلك: الصبر على تربية الإناث، كانت البنت في المجتمع الجاهلي تقتل خشية المؤنة وخوفاً من العار والى ذلك أشار القرآن في زجرهم: ((ولا تقتلوا أولادكم من إملاق ... )) (٢)، فالبنت كانت محتقرة مهانة، فهي كلّ، وعار على ذويها ... ولكنْ لما جاء الاسلام دين العدل والمساواة، واعطى الأنثى حقها الكامل، كان من الطبيعي أنْ يجعل ثواباً عظيماً لمن تكفل عناء تربية الإناث، وخصوصة تميزه عن غيره، لذا فقد جاء في الحديث الصحيح: ((من ابتلي بشيء من هذه البنات، فأحسن صحبتهنّ كنَّ له ستراً من النار)) (٣).

وقلْ مثل ذلك في الشهيد: فالموت تكرهه النفس البشرية وقد جاء في الحديث القدسي: ((إنّ الله عز وجل قال: من عادى لي ولياً فقد آذنته بالحرب ... وما ترددت عن شيءٍ أنا فاعله ترددي عن نفسِ عبدي المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مساءته)) (٤). وفي مقابل ذلك: نجد انّ الأسلام يحث على التضحية بالنفس والمال في سبيل الله، يقول سبحانه ((إنَّ الله اشترى من المؤمنين أنفسهم واموالهم بأن لهم الجنة ... )) (٥). فكيف يضحي المسلم بنفسه ((الغالية))؟ لا بد له من مرغبات اخروية تدفعه إلى التضحية وطبيعة الانسان مجبولة على حب الخير لها، فتصور ذلك المقاتل وقد اشتد بالمعركة الوطيس وعمل السيف في صفوفهم، والشيطان يسول له ويمنيه: إن الله سيغفر لك ... باب التوبة مفتوح فرَّ من الزحف، وبعدها تب إلى الله ... المعركة خاسرة ... تذكرْ إبناءك واهلك انج بنفسك قبل فوات الاوان، كل تلك الوساوس ستأتي ذلك المسلم، ألا يحتاج إلى مثبتات؟ فياتيه مناد الحق ((ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون)) (٦). ويصدح فيه ((للشهيد عند


(١) الزلزلة /٧ و ٨.
(٢) الأنعام /١٥١.
(٣) انظر تخريجه برقم (١٤٥).
(٤) أخرجه البخاري عن أبي هريرة مرفوعاً برقم (٦٠٢٥)، وأخرج بنحوه البيهقي-الكبرى- ٣/ ٣٤٦.
(٥) التوبة /١١١.
(٦) آل عمران /١٦٩.

<<  <   >  >>