للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

استجابتها)) (١) واقتران شرط الرضى بالاذن فيه فائدة الارشاد، وذلك ((لانه لما قال (لمن يشاء) كان المكلف متردداً لا يعلم مشيئته فقال (ويرضى) ليعلم انه العابد الشاكر لا المعاند الكافر فانه تعالى قال ((أن تكفروا فان الله غني عنكم ولا يرضى لعباده الكفر وان تشكروا يرضه لكم)) (٢) فكأنه قال (لمن يشاء) ثم قال (ويرضى) بياناً لمن يشاء)) (٣).

وقد يراد من الرضى أن يرضى الله عن المشفوع له (٤)، يقول تعالى ((يعلم ما بين ايديهم وما خلفهم ولا يشفعون الا لمن ارتضى)) (٥). وحمله على المعنى الأول أولى -والله اعلم-.

الشرط الثالث: العهد:-

لم اقف - بحدود اطلاعي- على من صرح باعتبار ((العهد)) شرطاً من شروط الشفاعة، وإنما اكتفى من ذكر شروطها بـ ((الاذن، والرضى)) - وان ذُكِرَ ضمناً.

وشرط العهد مسطور في كتاب الله تعالى قال تعالى ((لا يملكون الشفاعة إلا من اتخذ عند الرحمن عهداً)) (٦)، وقد فسر إبن عباس -رضي الله عنهما- العهد انه: ((شهادة أن لا اله الا الله ويتبرأ إلى الله من الحول والقوة ولا يرجو الا الله)) (٧).

والتقدير: أن هولاء المذنبين لا يستحقون الشفاعة الا اذا كانوا من اهل العهد وهو التوحيد والنبوة فوجب أن يكون منضوياً تحته (٨) وذكر صاحب الظلال أن هذه الكلمة -العهد- عامة تشمل أنواع الطاعات فقال ((ولا شفاعة يومئذ الا من قدم عملاً صالحاً فهو عهد له عند الله يستوفيه وقد وعد الله من آمن وعمل صالحاً أن يجزيه الجزاء الاوفى ولن يخلف الله وعداً)) (٩).


(١) العقيدة الاسلامية ص ٦٦٣.
(٢) الزمر/٧.
(٣) التفسير الكبير، الرازي ٢٨/ ٣٠٧ وانظر جلاء العينين إبن الآلوسي ص٤٤٥.
(٤) انظر مصدر سابق، وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد، عبد الرحمن بن حسن آل الشيخ ص ٢٠٦.
(٥) الانبياء /٢٧.
(٦) مريم/٨٧.
(٧) جامع البيان، الطبري ٩/ ١٢٨.
(٨) انظر التفسير الكبير ٢١/ ٢٠٣ وتفسير القرآن العظيم إبن كثير ٣/ ١٣٥.
(٩) في ظلال القرآن ٤/ ٢٣٢٠.

<<  <   >  >>