للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومنها ما يرد، ولكن هناك دعوة واحدة يعطيها رب العزة -جل جلاله- لنبييه اكراماً له، ويحق له استخدامها انى شاء، واستجابتها حتمية.

فأن أرادها في الدنيا أو الاخرة يعطيها، ويعضد هذا ما جاء عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عند البخاري مرفوعاً: ((لكل نبي دعوة مستجابة ... )) (١)، أي دعوة واحدة محققة الاجابة وما عداها فهو متروك للمشيئة الالهية، هذا ما ذهب اليه الامام النووي وإبن حجر، يقول النووي: ((أن لكل نبي دعوة متيقنة الاجابة وهو على يقين من اجابتها اما باقي دعواته فهم على طمع من اجابتها وبعضها يجاب وبعضها لا يجاب)) (٢).

والمراد بالامة هنا امة الاجابة لا امة الدعوة وسنبينه في موضوع المطرودين من امة محمد - صلى الله عليه وسلم - (٣) وقد جاء في حيث عوف بن مالك - رضي الله عنه - مرفوعاً ((إنه أتاني من ربي آتٍ فخيرني بان يدخل نصف امتي الجنة وبين الشفاعة واني اخترت الشفاعة)) (٤) وقد اختلف في هذا الآتي من هو؟

فذهب المباركفوري إلى انه ملك أخر غير جبريل (٥). وهذه دعوى تحتاج إلى دليل؟! بل على العكس فان الملك ما دام لم يعرف فان الأمر ينصرف إلى جبريل عليه السلام لأنه أقرب الملائكة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وكذا فانه لم يرد نص صحيح يخبر بتلقي النبي - صلى الله عليه وسلم - الوحي سوى من جبريل -عليه السلام- والأمرهنا كذلك وحيُ.

ويشهد لهذا الرأي حديث أبي ذر - رضي الله عنه - ((أتاني جبريل فبشرني أنه من مات من أمتك ... )) (٦) الحديث.

فإدخار النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوته لأمته لا على امته ... أدخر دعوته لأمته وكان بمقدوره أن يدعو لنفسه دعوة دنيوية أو آخروية. فيا للهِ ما هذه الرأفة وهذه الشفقة. (٧)


(١) اخرجه البخاري (٦٣٥) وانظر تخريجه برقم (٢).
(٢) شرح مسلم ٣/ ٧٥، وانظر فتح الباري إبن حجر ١١/ ١١٦.
(٣) انظر تحفة الاحوذي، المباركفوري ٧/ ١٣٢، وانظر ص١٠٤ من هذا البحث.
(٤) انظر تخريجه برقم (١٥).
(٥) انظر تحفة الاحوذي ٧/ ١٣٢.
(٦) انظر تخريجه برقم (١٠٦).
(٧) انظر شرح مسلم ٣/ ٧٥، وفتح الباري١١/ ١١٦ وتحفة الاحوذي ٧/ ١٣٢.

<<  <   >  >>