للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أصبحوا بعد نورهْم وهداهم ... حسبنا الله في الضلال البعيد

مثل القوم إذ تولوا سراعا ... عن طريقٍ معبَّدٍ معهودِ

مثلُ ظمآن سار حتى إذا ما ... كان من منهل قريب الورود

رجع القهقهري يأُمُّ الفيافي ... تائهاً نائياً عن المقصود

أو كصبٍّ رجا وِصالَ حبيبٍ ... بعد حرص على اللقاء شديد

منعت وصله مقالةُ واشٍ ... تركت حِبَّه مديمَ الصُّدود

أو كراءُ شمس الظَهيرةِ صَحْواً ... قام يسعى لدرْك أمر نكيد

بينما هوَّ مبصرٌ قال أعمى ... إنه الليل مال للتقليد

صاح من يرتددْ على عقبيه ... معرضاً عن وفائه بالعهود

لم يضر غيره فنقض عهود الق ... قوم في الله بالمعاهد مود

وأهل الخبرة بالشعر، يفضلونه على ابنه الآتي بعد، وإنما فضل ابنه عليه عند أكثر الناس لكثرة شعره، غير أن والده شغلته العبادة وإفادة الناس، مع ما كان متصفا به من التصوف الحقيقي، وكفاه شاهدا، أن نابغة قطره وجرير عصره، إدييج المشهور، هاجى كثيرا من فطاحل تلك البلاد فظهر عليهم، حتى تصدى للشيخ سيدي أحمد التجاني ومريديه، فشمر له عن ساعده وقاومه مقاومة شديدة. والناس مختلفون منهم من يقول: أن محمد ظهر عليه، ومنهم من يقول: تكافأ، أما العكس فلم أر من قال به. ومن بديع قوله فيه من قصيدة:

ادييج إذ صار كالعصفور صال على ... باز حديد شبا منقاره قرم

أو كالضفادع في أحشاء ذي زبد ... نَقَّتْ فصال عليها سالِخُ الرُّقْم

وله فيه أيضا، من قصيدة:

وإني لحسان الطريق وأهلها ... أزوُدُ أبا جهل النكيرِ وأوزجرُ

أقيس ذراعاً كلما قاس إصبعاً ... أخب إذا يعي عليهم وأحضرُ

<<  <   >  >>