للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأعرابي صوت شخب ناقته

بصوتها، حيث يقول:

كأن صوتَ شَخْبِهَا المُرْفَضِّ ... كشيشُ أفعى أجمعت للعض

فهي تحك بعضها ببعض

وهذا التشبيه، في غاية الحسن، خصوصا إذا كانت الناقة كثيرة اللبن، واسعة مجرى اللبن من الخلف، ومنها (كُرُجْمَهْ) وهي حية عظيمة، لا تكون إلا في محل فيه البحور غالبا، وقد تكون في محل فيه شجر (إفَرْشِ) هو الآراك الذي تستجاد مساويكه، وهذه الحية، رأيت حية تشببها في حديقة مصر المخصوصة بالحيوانات، إلا أن التي بمصر أصغر، والأغلب أنها من جنسها، وهي لا تعض، وإنما تلتوي على الإنسان فتقطعه نصفين، أن التوت على نصفه، وإن التوت على ساقه، قطعتها وحدها، هكذا يقولون. ومن العجائب أن السودان يأكلونها، ورأيت عندهم سيورا من جلدها، يجعلونها تكة للسراويل.

أما العقارب، فإنها كثيرة جدا، ولكنها لا تقتل من لسعته، والناس يزعمون أن من لسعته، وركب حمارا، وجعل وجهه إلى ذنبه يبرأ، وقد جربت هذا فوجدته كذبا، وأصدق ما قيل فيها، أن من لسعته لا يشتفى إلا بعد أن يمكث أربعاً وعشرين ساعة يصيح، ولا يداويه غير ذلك، وهذا عندي صواب، كما جربته في نفسي، وقد يعملون للصبيان ترياقا ينفعهم في لسعها، وهو أن يذبحوها وهي حية، فيقطعوا الأنبوبة التي تلي ذنبها، والتي فيها الشوكة فيرموهما، ثم يأخذوا الثلاث الباقية، فيحرقونها بالنار، حتى تستوي، فيجعلونها في شيء يزدرده الصبي، فيمكث مدة لا يؤثر فيه لسعها، وهذا صحيح مجرب. ومنها نوع يقال له (بُنَيْه) وهو حنش فيه نقط سود، وأكثر لونه يميل إلى الصفرة، يئن إذا أراد أن يعض الإنسان. ويقال إنه ينقلب على ظهره قبل اللسع (كَيْرْوَه): هي أشر حيات تلك البلاد، وهي حنش ضخم أصفر، وعلى جلده قشور، وله ظفر في ذنبه، وما رأيته

في تكانت، ولكن لا تخلو منه أرض، إذا كانت تنبت

<<  <   >  >>