للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "احفظ الله تجده أمامك" وفي رواية أخرى: "تجاهك"]

معناه أن من حفظ حدود الله وراعى حقوقه، وجد الله معه في جميع الأحوال، يحوطه وينصره ويحفظه ويوفقه ويؤيده ويسدده، فإنَّه قائم عَلَى كل نفس بما كسبت، وهو تعالى مع الذين اتقوا والذين هم محسنون.

قال قتادة: ومن يتق الله يكن معه، ومن يكن الله معه فمعه الفئة التي لا تغلب، والحارس الَّذِي لا ينام، والهادي الَّذِي لا يضل.

كتب بعض السَّلف إِلَى أخ له أما بعد؛ فإن كان الله معك فمن تخاف؟ وإن كان عليك فمن ترجو؟ والسلام.

وهذه المعية الخاصة بالمتقين، غير المعية العامة المذكورة في قوله تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ} [الحديد: ٤] وقوله: {وَلَا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لَا يَرْضَى مِنَ الْقَوْلِ} [النساء: ١٠٨] فإن المعية الخاصة تقتضي النصر والتأييد والحفظ والإعانة، كما قال تعالى لموسى وهارون: {لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى} [طه: ٤٦].

وقوله تعالى: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} [التوبة: ٤٠].

وكان - صلى الله عليه وسلم - قد قال لأبي بكر الصديق رضي الله عنه في تلك الحال: "ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ " (١).

فهذا غير المعنى المذكور في قوله تعالى: {مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ ... } الآية [المجادلة: ٧].

فإن ذلك عام لكل جماعة، ومن هذا المعنى الخاص الحديث الإلهي وقوله فيه:


(١) أخرجه البخاري (٤٦٦٣).