للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل]

وأعظم عذاب أهل النار حجابهم عن الله عز وجل، وبعدهم عنه، وإعراضه عنهم، وسخطه عليهم.

كما أن رضوان الله عَلَى أهل الجنة أفضل من كل نعيم الجنة، وتجليه لهم ورؤيتهم إياه أعظم من جميع أنواع نعيم الجنة، قَالَ الله تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (١٤) كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ (١٥) ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ (١٦) ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [المطففين: ١٤ - ١٧].

فذكر الله تعالى لهم ثلاثة أنواع من العذاب: حجابهم عنه، ثم صليهم الجحيم، ثم توبيخهم بتكذيبهم به في الدُّنْيَا، ووصفهم بالران عَلَى قلوبهم، وهو صدى الذنوب الَّذِي سود قلوبهم، فلم يصل إليها بعد ذلك في الدُّنْيَا شيء من معرفة الله ولا من إجلاله ومهابته وخشيته ومحبته، فكما حجبت قلوبهم في الدُّنْيَا عن الله حجبوا في الآخرة عن رؤيته، وهذا بخلاف حال أهل الجنة، قَالَ الله تعالى {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ} [يونس: ٢٦].

والذين أحسنوا هم أهل الإحسان، والإحسان أن يعبد العبد ربه كأنه يراه، كما فسره النبيّ صلّى الله عليه وسلم، لما سأله عنه جبريل عليه السلام (١)، فجعلى جزاء الإحسان الحسنى] (*)، وهي الجنة، والزيادة، هي النظر إِلَى وجه الله عز وجل، كما فسره بذلك رسول الله صلّى الله عليه وسلم، في حديث صهيب (٢) وغيره.


(١) أخرجه البخاري (٥٠)، ومسلم (٩، ١٠) من حديث أبي هريرة، وأخرجه مسلم (٨) من حديث عمر بن الخطاب.
(*) من المطبوع.
(٢) أخرجه مسلم (١٨١).