للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعوتب غزوان عَلَى خلوته فَقَالَ: أصبت راحة قلبي في مجالسة من لديه حاجتي.

ولغربتهم بين الناس ربما نسب بعضهم إِلَى الجنون لبعد حاله من حال الناس، كما كان أويس يقال ذلك عنه.

وكان أبو مسلم الخولاني كثير اللهج بالذكر، لا يفتر لسانه منه، فَقَالَ رجل لجلسائه: أمجنون صاحبكم؟ قال أبو مسلم: لا يا أخي، ولكن هذا دواء الجنون.

وفي الحديث (١) عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: «اذْكُرُوا اللَّهَ حَتَّى يَقُولُوا مَجْنُونٌ».

وقال الحسن في صفتهم: إذا نظر إليهم الجاهل حسبهم مرضى وما بالقوم مرض. ويقول: قد خولطوا، وقد خالط القوم أمرٌ عظيم، هيهات والله مشغولون عن دنياكم.

وفي هذا المعنى يقول القائل:

وحرمة الود ما لي عنكم عوض ... وليس لي في سواكم سادتي غرضُ

ومن حديثي بكم قالوا به مرضٌ ... فقلتُ لا زال عني ذلك المرضُ

وفي الحديث (٢): «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْصَى رَجُلًا فَقَالَ: اسْتَحْيِ مِنَ اللَّهِ كَمَا تَسْتَحْيِي مِنْ رَجُلَيْنِ مِنْ صَالِحِي عَشِيرَتِكَ، لَا يُفَارِقَانِكَ».

وفي حديث آخر عنه -صلى الله عليه وسلم- قال: «أَفْضَلَ الْإِيمَانِ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ مَعَكَ حَيْثُ كُنْتُ» (٣).


(١) أخرجه أحمد (٣/ ٦٨)، وعبد بن حميد (٩٢٥)، وأبو يعلى (١٣٧٦)، وابن عدي فى "الكامل" (٣/ ٩٨٠)، وابن حبان (٨١٦)، والحاكم (١/ ٤٩٩) من حديث أبي سعيد الخدري. وإسناده ضعيف، لضعف رواية دراج أبي السمح عن أبي الهيثم. والحديث استنكره ابن عدي فى "الكامل" والذهبي فى "الميزان".
(٢) أخرجه ابن عدي في "الكامل" (٢/ ٥٦٠، ٤/ ١٤١٠) وهو ضعيف.
(٣) أخرجه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير" كما فى "مجمع الزوائد" (١/ ٦٠).