للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعدم العِلْم، والغي من اتباع الهوى، ذاك فساد في القوة العلمية، وهذا فساد في القوة العملية.

ولن ينجو من ذلك إلا أهل الصراط المستقيم، صراط الذين أنعم الله عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين.

ثم إِنَّ الله تعالى كان يتعاهد الخلق بالأنبياء والرسل، كلما بعد عهد نبوة ورسالة أتبعها بأخرى.

وكان الَّذِي اتفقت عليه دعوة جميع الأنبياء والرسل هو دين الإسلام كما قال نوح أول الرسل: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ} (١).

وقال الحواريون للمسيح وهو آخر أنبياء بني إسرائيل: {آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (٢).

والإسلام هو الاستسلام والانقياد، وهو متضمن لعبادة الله وحده لا شريك له.

والعبادة تجمع كمال الحب، وكمال الخضوع والذل.

وعبادة الله هي الغاية التي لأجلها خلق الخلق، وبها سعد مَنْ سعد منهم في الدُّنْيَا والآخرة فأما في الآخرة فظاهر معروف، وأما في الدُّنْيَا فقد بسط في موضع آخر ذكر اختلاف الناس في المقصود بالتأله والعبادة وبين ما في تلك الأقوال من الباطل، وأن الصحيح من ذلك أن لا صلاح ولا فلاح، ولا سرور ولا نعيم ولا قرة عين، إلا بأن يكون كمال إرادتهم ومحبتهم، وخشيتهم وتعظيمهم وتألههم لله وحده لا شريك له، وأن ضد ذلك هو عين الفساد، ولا يتسع هذا المكان لبسط هذه الأمور.


(١) يونس: ٧٢.
(٢) آل عمران: ٥٢.