للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإنسان، وقد يموت قبل التمكن، فلا يكون الإسلام في حقه إلا ما تكلم به.

وحاصل الأمر:

أن الكلام الخبري هو إما إثبات أو نفي، فكما أنهم في الإثبات يثبتون للمسمى اسم الشيء إذا حصل فيه مقصود الاسم، وإن انتفت صورة المسمى فكذلك في النفي، فإن أدوات النفي تدل عَلَى انتفاء الاسم بانتفاء مسماه قد يدل تارةً عَلَى أنَّه لم يوجب صلاة، وتارةً لأنه لم توجد حقيقة مقصودةٌ بالمسمى، وتارةً لأنّه لم تحمل تلك الحقيقة، وتارةً لأنّ ذلك المسمى لا ينبغي أن يكون مقصودًا، بل المقصود غيره، وتارة لأسباب أخر، وهذا حسب ما يقتضيه سياق الكلام، وما اقترن به من القرائن اللفظية، التي تخرجه عن كونه حقيقة عند الجمهور؛ لكون المركب قد صار موضوعًا لذلك المعنى، ومن القرائن الحالية التي تجعله مجازًا عند الجمهور.

وأما إذا أطلق الكلام مجردًا عن القرينتين، فمعناه السلب المطلق، وهو أكثر الكلام، وهذا الجواب ملخص من كلام شيخ الإسلام أبي العباس ابن تيمية -رحمه الله- وأما قوله تعالى: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} (١)، وقوله: {إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ} (٢)، ونحو ذلك، فالجواب عنه أن يقال: الحصر تارة يكون عامًا كقوله: {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} (٣) ونحو ذلك، وتارة يكون خاصًا بما يدل عليه سياق الكلام، فليس الحصر أن ينفي عن الأول كل ما سوى الثاني مطلقًا، بل قد ينفي عنه ما يتوهم أنَّه ثابت له من ذلك النوع الَّذِي أثبت له في الكلام، فقوله: {إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ} فيه نفي تعدد الإلهية في حقه سبحانه، وأنه لا إله غيره، ليس المراد أنَّه لا صفة له سوى وحدانيته الإلهية.


(١) النساء: ١٧١.
(٢) الرعد: ٧.
(٣) طه: ٩٨.