للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دبرها (١)، ومن شرب الخمر في المرة الرابعة (٢)، وإن كان ذلك لا يخرجه عن الملّة بالكلية.

ولهذا قال السَّلف: كُفر دون كفر، وشرك دون شرك.


= "سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر".
(١) أخرج الترمذي (١٣٥) وغيره من حديث أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: "من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل عَلَى محمد".
وقال الترمذي: لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي هريرة. وإنَّما معنى هذا عند أهل العِلْم عَلَى التغليظ. وقد رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "من أتى حائضًا فليتصدق بدينار". فلو كان إتيان الحائض كفرًا لم يؤمر فيه بالكفارة.
وضعف محمد هذا الحديث من قبل إسناده.
(٢) أخرج الترمذي (١٤٤٤) وغيره من حديث معاوية مرفوعًا بلفظ: "من شرب الخمر فاجلدوه، فإن عاد في الرابعة فاقتلوه".
قال الترمذي: وفي الباب عن أبي هريرة والشريد وشرحبيل بن أوس وجرير وأبي الرَّمَد البَلَوي وعبد الله بن عمرو.
وقال أبو عيسى: حديث معاوية هكذا روى الثوري أيضاً عن عاصم عن أبي صالح عن معاوية عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وروى ابن جريج ومعمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم.
قال: سمعت محمدًا يقول: حديث أبي صالح عن معاوية عن النبي صلّى الله عليه وسلم في هذا أصح من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وإنما كان هذا في أول الأمر ثم نسخ بعد.
هكذا روى محمد بن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "إِنَّ مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فِي الرَّابِعَةِ فَاقْتُلُوهُ"، قال: ثُمَّ أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الرَّابِعَةِ فَضَرَبَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ.
وكذلك روى الزهري عن قبيصة بن ذويب عن النبي صلّى الله عليه وسلم نحو هذا، قال: فَرَفَعَ الْقَتْلَ وَكَانَتْ رُخْصَةً، والعمل عَلَى هذا الحديث عند عامة أهل العِلْم لا نعلم بينهم اختلافًا في ذلك في القديم والحديث، ومما يقوي هذا ما رُوي عن النبي صلّى الله عليه وسلم من أوجه كثيرة أنَّه قال: "لا يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ إِلا بِإِحْدَى ثَلاثٍ: النَّفْسُ بِالنَّفْسِ، وَالثَّيِّبُ الزَّانِى، وَالتَّارِكُ لِدِينِهِ".