للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ويا ولد الجزائر صن ...*... حماها وكن برا بساحتها أديبا

ولا تخش الوقاع بها فإني ...*... رأيت الله مطلعا رقيبا


في الاستعمار الفرنسي عدة صفات من جهنم منها: أن من ابتلى به لا يموت ولا يحيا، كما أن من دخل جهنم لا يموت فيها ولا يحيا. والاستعمار الفرنسي في الجزائر كله دائر على هذه الصفة. فهو بعد أن جرد الجزائريين من أسباب الحياة وتركهم حفاة عراة جياعا، ليسجل عليهم العبودية المؤبدة للسادة الأروبيين، يعملون لهم ليلا ونهارا في سبيل القوت المقتر، فإن زاد فتح لهم طريق في فرنسا للعمل بسواعدهم لا بعقولهم في مصانعها وكان الجزانري الذي يصل إلى فرنسا يعد نفسه سعيدا فيها لارتفاع الأجور نوعا ما، بحيث تكفيه وتكفي أولاده المتخلفين، وكانت كثيرا ما تثور ثائرة المعمرين لنقصان الأيدي العاملة في كرومهم الواسعة وحقول القمع المترامية الأطراف، فتعود الحكومة إلى استرضائهم بتحجير السفر على الجزائريين. وفي ذات مرة ضاقت الحياة بجماعة أولئك العملة ففروا إلى فرنسا متسللين في باخرة اسمها (سيدي فرج) باسم الثغر الذي أنزل منه أول جندي فرنسي من جنود الاحتلال الأول ...*... وأخفاهم صاحب الباخرة في عنابر سفلية مظلمة مشبعة بالغازات، خالية من الهواء، وأغلق عليهم الأبواب، فما كادوا يصلون مرسى (مرسيليا) وتفتح عنهم الأبواب حتى مات منهم أحد عشر رجلا بالاختناق، وكان الآخرون بمقربة من الموت .. وكانت ضجة عظيمة بعد أن افتضحت هذه الحقيقة الشنيعة، ذلك كله أثر في نفس الشاعر، ففاضت بهذه القصيدة يصف المأساة ويتوجع لها وينعي على فرنسا هذه الجريمة التي تسببت عن تحجير سفر العمال إلى فرنسا.

<<  <   >  >>