للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نَزَاهَةُ الأَئِمَّةِ مِنَ الرُّبُوبِيَّةِ:

لقد أدرك بعض علماء الشيعة أن من يقول باختصاص الأئمة بتخصيص القرآن وَالسُنَّةِ ونسخ أحكامهما، إنما يجعلهم يشرعون كالأحبار والرهبان الذين ورد فيهم قول الله تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} [التوبة: ٣١].

ولهذا قال الإمام محمد باقر الصدر: «ثبت في محله من انتهاء عصر التشريع بانتهاء عصر النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وأن الأحاديث الصادرة عن الأئمة المعصومين ليست إلا بيانًا لما شَرَّعَهُ النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من الأحكام وتفاصيلها» (١).

كما أنه لا خلاف بين الناس جميعًا أن يروي عن شخص لا بد أن يكون معاصرًا له، فلا يروي حفيد عن أجداد لم يعاصروه لوفاتهم قبل أن يولد، ولهذا فرواية علماء الشيعة عن أئمتهم يلزم أن يذكر فيها سلسلة الرواة ليمكن معرفة مدى معاصرة الراوي لمن روى عنه ومعرفة مدى توفر شروط العدالة والضبط في الرواة، ولكن الشيخ الآصفي يقول: «إن كل حديث صادر عنهم في الأصول أو الأحكام، ليس من رأيهم وليس فيه شيء من اجتهادهم مطلقًا، وإنما يستندون في ذلك إلى سُنَّةِ رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - انتهى علمها إليهم ويروُونها عنهم سواء رَوَوْهَا كما يروي المحدثون عن رسول الله مسلسلاً، مسندًا أم أرسلوها إرسالاً» (٢).

وهذا يعني أن أي إمام من الأئمة الاثني عشر لو قال شيئًا، لا يحتاج إلى أن يذكر اسم من سمع منهم أو روى عنهم وبالتالي يروي عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى لو كان بينه وبين عصر الصحابة عشرة قرون.

وهذا لا يقول به إلا من يَدَّعِي أن هؤلاء جميعًا يوحى إليهم من الله أو يعلمون عن طريق الإلهام كما يقول الشيخ محمد رضا المظفري في كتابه " عقائد الإمامية ": ص ٩٦.

وهذا الافتراض لا يقبله إلا من زعم أن هؤلاء يوحى إليهم ولهذا يصبح عندهم ادعاء أن الأئمة إذا قالوا بخلاف القرآن صح ذلك لأن الله أعلمهم بذلك. والشيخ الآصفي يقول في موضع آخر: «لكي يسلم الحديث عند فقهاء وعلماء الإمامية


(١) " تعارض الأدلة " للسيد الإمام محمد باقر الصدر: ص ٣٠.
(٢) " السنة المفترى عليها "، الطبعة الثانية: ص ١٢٦.

<<  <   >  >>