للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عبده «ولا يمكن أن يعتبر حديث من حديث الآحاد دليلاً على العقيدة» (١).

ويرى الدكتور عبد الحميد متولي أن سنة الآحاد لا يمكن أن يثبت بها حكم دستوري. ويرى آخرون أنها لا تصلح في الحدود والعقوبات، وهكذا ظهرت مادة علمية تغرس في نفوس الطلاب أن السنة النبوية ظنية الثبوت، وهم يعلمون أن الأحاديث المتواترة، نادرة، وأن أحكام الشريعة أكثرها من سنة الآحاد وأنها ملزمة للأمة، ومن ثم تصبح هذه الأقوال جناية ضد السنة النبوية لا تقل أثرًا عن جناية المستشرقين وتلاميذهم من المسلمين، لأن هذه الأقوال قد خلت من بيان المقصود من هذه الظنية وأنه لا أثر لها على العمل بهذه السنة في العبادات والمعاملات والحدود وغيرها ولم يذكر هؤلاء أن جمعًا من الفقهاء يقولون أن أحاديث الآحاد تفيد العلم وتوجب العمل لأنه لا عمل بغير علم حيث قال بذلك الإمام أحمد وبعض أهل الحديث وداود الظاهري وابن حزم وآخرين كما لم تقترن أوصاف هؤلاء لهذه السنة بالظنية، بما قرره الأحناف والشافعية وجمهور المالكية من أن هذا الظن يوجب العمل بهذه السنة لأنه لا تلازم بين وجوب العمل وإفادة علم اليقين بل يكفي الظن الراجح، بل قال الغزالي: أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل إذ يسمي الظن علمًا وهذا لا يتعارض مع قطعية وجوب العمل بها فالظن والقطع غير [واردين] على محل واحد، فمبعث الظن هو المخبر عنه من جواز الخطأ والنسيان ومعبث القطع إنما هو حكم الله ولا تعارض في أن حكم الله يوجب العمل بمقتضى الظن والعمل بخبر الآحاد قد تواتر بإجماع الصحابة وبتواتر الأحاديث الدالة على عمل النبي (٢).


(١) " الأعمال الكاملة للإمام محمد عبده ": جـ ٥ ص ٣٧ للشيخ عمارة عن " رسالة التوحيد " للأستاذ الإمام.
(٢) " المستصفى " للغزالي: جـ ١ ص ٩٣، و" الأحكام " للآمدي ": جـ ٢ ص ٤٩، و" الأحكام " لابن حزم: جـ ١ ص ١٠٧ - ١٣٣، و" أصول الحديث " للدكتور محمد عجاج الخطيب: ص ٣٠٢، و" الرسالة " للإمام الشافعي: ص ٤٠١، و" ضوابط المصلحة " للدكتور محمد سعيد [البوطي]: ص ١٦٥، و" التقريب " للنووي: ص ٤١.

<<  <   >  >>