للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذلك ربط الله تعالى بين القرآن والسنة في بيان الحكمة في نزول القرآن منجمًا.

وهنا نجد النسخ وأسباب النزول والقرآن والسنة في عمل جماعي متواصل يؤدي في النهاية إلى الإحاطة بكل ما هو عام أو خاص في حياة البشر في كل مكان وزمان (١).

أما تخصيص العام فهو استثناء بعض ما تناوله العام وإخراجه من الحكم الشرعي ونسمي ذلك رفعًا للحكم تجاوزًا مثل قول الله {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاَثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: ٢٢٨]، فهذا حكم عام في كل مطلقة ولكن قد استثنى من ذلك المطلقات قبل الدخول على الزوج إذ زال سبب العدة وهو احتمال الحمل، وفي هذا قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} [الأحزاب: ٤٩]، فهذه الآية استثنت المطلقات قبل الدخول من حكم العدة ورفعت عنهن هذا الحكم، فمنذ البداية لا يسري في حقهن حكم الآية وذلك بخلاف النسخ حيث يظل الحكم الأول معمولاً به فقد كان المسلم مكلفًا به، ثم يتغير الحكم وينسخ بعد فترة بحكم جديد مثل حديث: «كُنْت نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ فَزُورُوهَا فَإِنَّهَا تُذَكِّرُكُمِ الآخِرَةَ» (٢).

وعلم ناسخ الحديث ومنسوخه يبحث فيما ظاهره التعارض من الأحاديث النبوية وأيضًا أنواع البيان الأخرى كبيان المجمل وتخصيص العام وتقييد المطلق، يزيل هذه الشبهات.


(١) عن كتابه " مقدمة في تفسير الرسول للقرآن الكريم "، الباب الثالث، الفصل الثالث،: ص ١٣٢.
(٢) كتاب " الاعتبار " للهمداني: ص ٢٤، وكتاب " الإتقان في علوم القرآن " للسيوطي: جـ ١ ص ٨٣، و" تفسير ابن كثير ": جـ ٤ ص ٣٨١.

<<  <   >  >>