للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٥٣ - الإِجْمَاعُ وَالنَّسْخُ:

ليس صحيحًا أن الإجماع ينسخ نصًا في القرآن أو السنة لأن النسخ هو إنشاء أو إلغاء لشرع وهذا لا يكون إلا بوحي من الله أي في عصر النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبهذا لاَ حُجَّةَ للإجماع إلا إذا كان له سند.

قال ابن حزم: «النُّسْخُ بِالإِجْمَاعِ المَنْقُولِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَائِزٌ لأَنْ الإِجْمَاعِ أََصْلُهُ التَّوْقِيفُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا بِنَصِّ قُرْآنٍ أََوْ بُرْهَانٍ قَائِمٍ مِنْ أَيِّ مَجْمُوعَةٍ مِنْهُ أَوْ بِنَصِّ سُنَّةٍ أَوْ بُرْهانٍ قَائِمٍ مِنْهَا كَذَلِكَ أَوْ بِفِعْلٍ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ أَوْ بِإِقْرَارٍ مِنْهُ» (١).

فالإجماع لا ينشىء بذاته حكمًا بل يكشف عن حكم الله ورسوله وبالتالي فالناسخ هو هذا الحكم وليس أقوال الصحابة - رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُمْ -.

لقد أوجب الله الصلاة في قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاَةَ} [البقرة: ٤٣]، وهذا النص القرآني وغيره في أمر الصلاة، لم يبين أوقاتها ولا عددها ولا كيفيتها، فكانت السنة النبوية هي المبينة لهذا إذ قال الله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧].

فهذا البيان ملزم لكل مسلم سواء ورد لنا عن طريق رواية التواتر أو الآحاد، أو ورد في سنة وصنفت بأنها ناسخة أو مخصصة أو وردت عن طريق إجماع الصحابة.

فإجماع الصحابة بعد رواية جماعية عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وبالتالي يكون ألزم من رواية الآحاد لأنه لا يقل عن الحديث المتواتر.


(١) " الإحكام في أصول الأحكام ": جـ ٤ ص ١٢٠.

<<  <   >  >>