للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشافعي يقول: «السُنَّةََ لاَ نَاسِخَةٌ لِلْكِتَابِ، وَإِنَّمَا هِي تَبَعٌ لِلْكِتَابِ ... » بينما يقول: «وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللهِ فِيمَا لَيْسَ فِيه نَصُّ الكِتَابِ» (١)، والشافعي مع قوله: «السُنَّةََ لاَ نَاسِخَةٌ لِلْكِتَابِ» يأخذ بحديث: «لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» ولكنه يصفه بأنه مخصص لعموم قول الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١٨٠]، وليس ناسخًا لها.

بينما يرى غيره أن هذا الحديث ناسخ لهذه الآية وليس مخصصًا لها، فالخلاف في هذه الاصطلاحات ليس له أثر على العمل بالسنة النبوية، فمن قال: السنة مبينة للقرآن كمن قال: إنها مفسرة له، فكلاهما يأخذ بالسنة إن جاءت بحكم جديد ليس في القرآن، والفارق بينهما أن الذي يقول: إن السنة مفسرة يرد أحكام السنة إلى أصل عام في القرآن وبالتالي لا يرى أن الحديث زائد عن القرآن، والذي يرى أن السنة مبينة أو مكملة للقرآن يستند إلى ما جاء في القرآن، الذي يرى أن السنة مبينة أو مكملة للقرآن يستند إلى ما جاء في القرآن من وجوب طاعة الرسول، فالخلاف يرجع إلى اختلافهم في الوصف أو النظر إلى صفة السنة وليس في وجوب العمل بها ولهذا قال الشافعي: «وَكُلَّ مَا سَنَّ رَسُولُ اللهِ فَقَدْ أَلْزَمَنَا اللهُ اِتِّبَاعَهُ».

أ - ولكن منهم من يصف هذا القضاء الزائد بأنه تفصيل لنص عام في القرآن فلا نجد في السنة حكمًا إلا وقد دل القرآن عليه إجمالاً أو تفصيلاً، فهي في تصورهم «بَيَانٌ لِمَا فِيهِ، وَذَلِكَ مَعْنَى كَوْنِهَا رَاجِعَةً إِلَيْهِ» (٢).

ب - ومنهم من يصف حكم النبي الزائد عما ورد في القرآن الكريم، بأنه استقلال في التشريع، وفي هذا يقول الأوزاعي: «الكِتَابُ أَحْوَجُ إِلَى السُّنَّةِ


(١) " الرسالة ": جـ ٢.
(٢) " الموافقات " للشاطبي: جـ ٤ ص ١٢، ١٣.

<<  <   >  >>