للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٧٠ - " المُسْلِمُ الحَزِينُ فِي القَرْنِ العِشْرِينْ ":

إن بعض الكُتَّابِ قد اتجه إلى الشريعة الإسلامية، ليجدد فيها وينتقد فقهاءها دون أن يكون له رصيد من الدراسات الإسلامية المتخصصة، وبالتالي اتبع السبل العلمانية فتفرقت به عن سبيل الله.

ولعل أحدث هذه الاجتهادات الشاذة ما كتبه أحدهم من أنه قد شاع بين الناس حديث رواه " النسائي " بلفظ: « ... وَشَرُّ الأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلاَلَةٌ».

ويعلق الكاتب على الحديث بقوله: «فكان كلما اطلع عليه أحد من الفقهاء برأي قالوا له: (أهو شيء سمعته عن رسول الله؟ أم هو رأي رأيته؟) فأدرك الفقهاء أنه ما من فرصة أمام الرأي ليصادف القبول لدى الجمهور المؤمنين، ما لم يستند إلى سنة متواترة».

ثم يقول الكاتب: «ومن ثم لجأ الفقهاء والعلماء إلى تأييد كل رأي يرونه صالحًا ومرغوبًا فيه، بحديث يرفعونه إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وكان شأنهم في ذلك شأن أولئك الذين وضعوا " سفر تثنية الاشتراع " من التوراة ثم نسبوه إلى موسى، كي يسبغوا عليه الثقة ثم يقول: لقد أصبح هذا المسلك من الأمور اليسيرة نسبيًا بعد انقضاء جيل الصحاب الذين كان بوسعهم وحدهم أن ينفوا أن يكون الرسول قد تحدث بهذا الحديث أو ذاك».

ثم يقول الكاتب: «وقد هدأ من روع الفقهاء وطمأن ضمائرهم إذ يتقولون على النبي، اعتقادهم أنهم يخدمون بذلك دين الإسلام» (١).

هذه الأقوال تفيد ما يأتي:

أولاً: أن النسائي قد نسب هذا الحديث إلى النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ولم يصدقه الفقهاء وكانوا


(١) كتاب " دليل المسلم الحزين " للطالب حسين أحمد أمين: ص ٤٥، طبعة ١٤٠٣ هـ - ١٩٨٣ م.

<<  <   >  >>