للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أن يكون خلافًا في الاصطلاحات، فبعضهم كابن القيم في كتاب " الطرق الحكمية " يسمي النوع الأول السُنَّة الموافقة، بينما يسمِّي النوع الثاني بالسُنَّة المُفَسِّرَة، ونجد الخلاف يزداد في النوع الثالث فقد يراه بعضهم أنها سُنَّة زائدة عما في الكتاب، وَيُُسَمِّيهَا آخرون باِلسُنَّةِ المُوجِبَةِ، ولكن تختلف الأسماء بينما المُسَمَّى لا يختلف حكمه.

فالإمام الشافعي يقول (١): «وَقَدْ سَنَّ رَسُولُ اللهِ مَعَ كِتَابِ اللهِ، وَسَنَّ فِيمَا لَيْسَ فِيه بِعَيْنِهِ نَصُّ كِتَابٍ وَكُلُّ مَا سُنَّ فَقَدْ أَلْزَمَنَا اللهُ بِاِتِّبَاعِهِ».

بينما نراه يصف هذه السُنَّة الجديدة وصفاً ينفي عنها أنها تنسخ القرآن، «أَنَّ السُنَّةََ لاَ نَاسِخَةٌ لِلْكِتَابِ، وَإِنَّمَا هِي [تَبَعٌ] لِلْكِتَابِ، بِمِثْلِ مَا نَزَلُ نَصًّا، وَمُفَسِّرَةٌ مَعْنًى مَا أَنْزَلَ اللهِ مِنْهُ جُمَلاً».

ولكن مع وصفه السُنَّة بأنها لا ناسخة للقرآن يوجب الأخذ بحديث: «لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» الذي يراه غيره بأنه ناسخ لقول الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ ... } [البقرة: ١٨٠].

يقول الإمام الشافعي: «وَجَدْنَا أَهْلَ الفُتْيَا وَمَنْ حَفِظْنَا عَنْهُ مِنْ أَهْلِ العِلْمِ بِالمَغَازِي مِنْ قُرَيْشِ وَغَيْرَهَا لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَامَ الفَتْحِ: " لاَ وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ "» (٢).


= حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ المَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [سورة النساء، الآية ١٥]، ثم ورد قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [سورة النور، الآية: ٢]، ثم روى أحمد ومسلم وابن ماجه عن النبي قوله: «خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ».
(١) و (٢) " الرسالة " ص ٩٨ وما بعدها

<<  <   >  >>