للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[مقدمة]

بسمِ الإلهِ مبدعِ الأَكْوانِ ... ثم لهُ الحمدُ على الإحسانِ

ثم الصلاةُ والسلامُ السرَّمدَي ... على النَّبيِّ المصُطفْى مُحَمَّدِ

والآلِ والصحبِ الكرامِ البَررَةْ ... والتابعينَ الطاهرينَ الخيَرةْ

وبعدُ فالعلمُ ذخيرةُ الفَتى ... وزادُهُ يومَ المعادِ

إذْ أَتىولن ينالَ منهُ غيَر بعضهِ ... ولو تقضَّى عمرُهُ بركضهِ

لذاكَ فابدأْ منْهُ بالأهَمِّ ... ولا تُبالي بالثَّنَا والذَّمِّ

واعلم بأنَّ العلمَ نورٌ يقذفُ ... لكلِّ قلبٍ ذاكرٍ يُلُقَّفُ

والناسُ كالأرضِ إذا أصابَها ... غيثٌ تفتَّحت لهُ أبوابُها

فبعضُها تشربَّتْ قليلاً ... وبعضُها لَمْ تَستفِدْ فَتِيلاً

وبعضُها تفتَّحت سريعاً ... فتلكَ نالت خيَرهُ جمَيعاً

والعلمُ في الإسلامِ نورُ اللهِ ... تنالهُ من بابِ حبِّ الله

فالأنبياءُ المخلصِوُن الُكمَّلُ ... من بابِ حبِّ الله قَدْ تكَمَّلوُا

فالطورُ والخليلُ والحجابُ ... والغارُ والمزمورُ والهضَابُ

مسالكُ الخلقِ لبابِ الحقَّ ... بها ينالُ القصدَ أهلُ الصِّدْقِ

بها قَضَوا أيّامَهُمْ فُرادى ... فاختصَّهم ربُّ الوَرى آحاداً

علَّمَهم منْ علْمِهِ اللَّدُنِّي ... فأصبحوا أربابَ كُلِّ فَنِّ

فكم عكفتَ في حراءٍ ذاكراً وكم خلوتَ بالخليلِ صَابراً

وكم عنِ الخلقِ احتجبتَ خالياً ... وكم على الهضابِ سرتَ باكياً

لكلِّ مُوسَى طورُ حبٍّ دائمُ ... وكلُّ عيسى في الحجابِ قائِمُ

وذاكَ شأنُ طالبِ المعالي ... يواصِلُ النهارَ باللَّيالي

فهذِهِ الأصولُ والوقودُ ... وغيرُها القشورُ والقُيودُ

فثمرٌ من غير قشرٍ يُتْلَفُ ... والقشرُ دونَ اللُّبِّ بيتٌ أَجْوَفُ

وقيلَ إنَّ كلَّ مَنْ تَحققا ... مِنْ غيرِ شَرْعٍ إنَّما تَزَنْدَقا

وكلُّ مَنْ بالشَّرعِ قَدْ تعمَّقَا ... بلا تحققٍ فذا تَفَسَّقا

والعلم علمانِ.. فعلمُ القلبِ ... حجتُنا يومَ لقاءِ الرَّبِّ

وبعدَهُ علمُ اللِّسانِ فا علمِ ... وذاكَ حجةٌ على ابنِ آدمِ

فحصِّنِ اللبابَ بالقُشُورِ ... وذا كمالُ الطَّالبِ الغَيُورِ

وأجدَرُ العلومِ بالإتْقانِ ... فقهٌ مع الحديثِ والقرآنِ

وهذهِ الثلاثُ ليسَتْ تُفهمُ ... بلا أصولِ الدِّينِ ليسَتْ تَعْلَمُ

فكلُّ مَنْ وعاهُ بالإِتْقَانِ ... صارَ إِماماً طيلةَ الزَّمانِ

وجازَ أنْ يخوضَ في التَفْسيرِ ... والفِقْهِ والحديثِ والتَقْريرِ

وكلُّ مَنْ بلا أصولٍ قاري ... ينالُه الجهلُ بلا قَرارِ

ولو حوى في ذهْنِهِ الأسْفارا ... وجاوَزَ الأمصارَ والأقطارا

فلا يجوزُ مطلقاً أنْ يجتهد ... في الدِّين أو يفتي بغير ما وُجِدْ

مِنْ قولِ شيخٍ ذي اجتهادٍ عارفِ ... وكلُّ ذا مِنْ مِنَنِ اللَّطائفِ

إِذْ لو أبيحَ الاجتهادُ للبَشَرْ ... بلا أصولٍ ملأُوا الدُّنيا ضَرَرْ

وعُطِّلَتْ شريعةُ القُرْآنِ ... وحَكَمَتْ شريعةُ الشَّيْطانِ

فَمِنْ عظيمِ فَضْلِهِ عَلَينا ... ومِنْ جليلِ برِّهِ إِلَيْنا

أنْ وضَعُوا قواعدَ الأُصُولِ ... وحدَّدُوا طرائقَ الوصُوُلِ

سَدَّا على منافذِ الشَّيْطانِ ... حتَّى تسودَ شِرْعَةُ الفُرقانِ

وهذهِ منظومةٌ صغيرَةْ ... حوتْ أصولَ فِقْهِنَا الشَّهيرَةْ

نَظمتُها بدايَةً لِلْمُجْتَهِدْ ... ورُمْتُها نِهاية للمقْتَصِدْ

سَمَّيتُها منظومةَ المُعْتَمدِ ... على كتابِ شيخِنا مُحَمَّدِ

فأسألُ الرحمنَ أنْ يُتمِّما ... ويجعلَ الخيَر بها مُعمَّماً

وينزعُ الرياءَ عَنْ أَعمالِنا ... ويكتبَ الإخلاصَ في أَقْوالِنَا

<<  <   >  >>