للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فبطَلَ هذا الظن، وصح أن المراد بالرد المذكور في الآية التي نصصنا، إنما هو إلى كلام الله تعالى وهو القرآن الكريم، وإلى كلام نبيه -صلى الله عليه وسلم- المنقول على مرور الدهر إلينا جيلًا بعد جيل، يعني: الرد في الآية: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} يستلزم بالضرورة الرد إلى القرآن وإلى السنة، لو شغب مشاغب وقال: الرد إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو حي، أي: فردوه إلى الرسول، فهل يمكنه أن يشاغب على هذا القول في الرد لله تعالى؟ يعني: فإذا فهمت هذا الفهم، فكيف تفهم الرد إلى الله -تبارك وتعالى-؟ هل يمكن لأحد منا أن يكلم الله تعالى ويسأله عن شيء؟ مستحيل، فإذن لزم بالضرورة الواضحة الجلية أن الرد إنما يكون إلى كتاب الله -تبارك وتعالى- وإلى سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-.

ثم يواصل كلامه -رحمه الله تعالى- ويقول:

وأيضًا آية النساء المذكورة: {فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} ذكر للقاء، ولا مشافهة أصلًا، ولا دليل عليه وإنما فيه الأمر بالرد فقط، ومعلوم بالضرورة أن هذا الرد إنما هو تحكيم، وأوامر الله تعالى وأوامر رسوله -صلى الله عليه وسلم- موجودة عندنا، منقول كل ذلك إلينا، فهي التي جاء نص الآية بالرد إليها دون تكلف تأويل ولا مخالفة ظاهر.

ثم يواصل كلامه ويقول:

والقرآن والخبر الصحيح بعضهما مضافٌ إلى بعض، وهما شيء واحد في أنهما من عند الله تعالى، وحكمهما حكمٌ واحد في باب وجوب الطاعة لهما؛ لما قدمناه آنفًا في صَدْر هذا الباب، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ * وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ} (الأنفال: ٢٠، ٢١) فبين الله تعالى بهذه الآية أنه لم يرد منا الإقرارَ بالطاعة

<<  <   >  >>