للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وغيره- يعلمنا استعمال العقل بالطريقة الصحيحة، أبو بكر -رضي الله عنه- لم يكن حاضرًا حين أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- بالإسراء والمعراج، جروا إليه وأخبروه: إن صاحبك يزعم أنه أتى بيتَ المقدس الليلة ثم أصبح بين ظَهرانَيْنا، ولله درك يا أبا بكر -رضي الله عنك وأرضاك- يا أفضل الخلق بعد الأنبياء.

بعض الناس يقول: إن أبا بكر سمي بالصديق من هذه الليلة، وإن إيمانه بناء على حب النبي -صلى الله عليه وسلم- وتصديقه، لا والله هذا قمة النضج العقلي بعد النضج الإيماني، الإيماني هذا حَدِّث ولا حرج، إيمانه يعدل إيمان الأمة، يقول لهم: "أي غرابة في ذلك! ".

أولًا: عَلَّمَنا درسًا قال: "إن كان قال فقد صدَقَ" يعني: إذن علينا أن نتحرى في الأخبار، ومثل هذه المواقف هي التي أسس عليها المُحَدِّثون حين وضعوا قواعدَ قبول الرواية، ومنها صدق المخبر، وعلى رأسها، ورد ذلك في القرآن والسنة: "إن كان قال فقد صدق" الذي ينقل الخبر إليه الآن هم الكفار، ربما كانوا يكذبون على النبي -صلى الله عليه وسلم- خصوصًا وأنهم أعداء.

إذن نتحرى في الأخبار، ثم أي غرابة في هذا؟! هو يخبرني أن الوحي يأتيه من السماء في لحظة، أنا أصدقه لأني مؤمن بأنه نبي، ما الفرق عقلًا وعلمًا وواقعًا؟ ما الفرق بين نزول الملك من الملأ الأعلى على النبي -صلى الله عليه وسلم- بما يريد الله تعالى أن يبلغه، وبين صعود النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الملأ الأعلى؟ العقل الذي يقبل هذا يقبل ذاك، بالنسبة لقدرة الله، بالنسبة لعظمة الله، كل ذلك أبسط مما يكون، لن نقول سهلًا أو مسهولًا، هذا أبسط مما يكون، كل شيء بإرادة الله كن فيكون، القدرة التي أنجزت إنزال الملَك، هي القدرة التي صعدت بالنبي -صلى الله عليه وسلم- إلى الملأ الأعلى.

هم تكلموا في المعراج أكثر مما تكلموا في الإسراء، الإسراء لأنه ثابت بالقرآن

<<  <   >  >>