للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أنهم يحسدوننا على النعم التي اجتبانا الله بها، ولا تُوجد عِندهم، وذَكرتُ رُبّما في الدرس السابق، أو الذي قبله أنّ المُستشرقين من أين أحاديثهم عن أنبيائهم التي وردت إليهم بالأسانيد المتصلة كما حدث مع نبينا -صلى الله عليه وسلم-؟! لا يوجد عندهم؛ لذلك يحسدوننا فيعبرون عن هذا الحسد بإثارة الشبهات والاهتمامات.

إذن، الاهتمام بالسند هو الأصل وهو مسألة طبيعية جدًّا، لا ينبغي لأحد أن يُماري فيها؛ لأنه كما ذكرت الضرورات الشرعية تُحَتّم هذا، والضرورات العقلية والضرورات الواقعية التي أشرت إليها.

يقول الدكتور محمد مصطفى الأعظمي في كتاب (منهج النقد عند المحدثين نشأته وتاريخه) نقلًا عن الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- وهذا الكلام موجود في (الرسالة) في الفقرة ٣٩٩ يقول الشافعي: ولا يستدل على أكثر صدق الحديث وكذبه إلا بصدق المخبر وكذبه، إلّا في الخاص القليل من الحديث، وذلك أن يُستدل على الصدق والكذب فيه بأن يُحَدّثَ المُحَدّث بما لا يَجُوز أن يكون مثله، أو ما يُخالفه وما هو أثبت وأكثر دلالة في الصدق منه.

يَقْصِدُ أن يقول: أكثر ما يستدل على صدق الحديث إنما بصدق المخبر وكذبه، وفي غير ذلك من الممكن أن ننظر في النص نفسه -في المتن- كما نقول عند المحدثين، هذا الإمام الشافعي يبين أنّ الاهتمام بالأسانيد وبنقلة الأخبار هو الأصل، والدكتور الأعظمي يوضح المسألة فيقول: إنّه لا يَشُكُّ عَاقِلٌ في وجود النبي -صلى الله عليه وسلم- من الناحية التاريخية، وأنه عاش على هذه الأرض، ومن طبائع البشر الأكل والشرب والنوم وما إلى ذلك.

فإذا ورد في الحديث أنه -عليه الصلاة والسلام- كان يأكل بيمينه، ويشرب في ثلاثة أنفاس، ويدعو بكذا عند نومه، وكذا عند استيقاظه؛ فكُلّ هذا ممكن عقلًا؛ كَمَا أنّ ضِدّه

<<  <   >  >>