للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن قد قررنا أنه إذا عبر بـ (ما) عما يعقل، فإنه يلاحظ فيه معنى الصفة لا معنى العين والشخص، ومنه قوله تعالى: {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣]، لم يقل: (من)، لأنه ليس المراد عين هذه المرأة، ولكن المراد الصفة.

فهنا قال: {لِمَا خَلَقْتُ}، أي: هذا الموصوف العظيم الذي أكرمته بأنني خلقته بيدي، ولم يقصد: لمن خلقت، أي: لهذا الآدمي بعينه.

وقوله: {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}: هي كقول القائل: بريت بالقلم والقلم آلة البري، وتقول: صنعت هذا بيدي، فاليد هنا آلة الصنع.

{لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}، يعني: أن الله عز وجل خلق آدم بيده، وهنا قال: {بِيَدَيَّ}، وهي صيغة تثنية، وحذفت النون من التثنية من أجل الإضافة، كما يحذف التنوين، نحن عندما نعرب المثنى وجمع المذكر السالم، نقول: النون عوض من التنوين في الاسم المفرد. والعوض له حكم المعوض، فكما أن التنوين يحذف عند الإضافة، فنون التثنية والجمع تحذف عند الإضافة.

في هذه الآية توبيخ إبليس في تركه السجود لما خلقه الله بيده، وهو آدم عليه الصلاة والسلام.

وفيها: إثبات صفة الخلق: {لِمَا خَلَقْتُ}.

وفيها: إثبات اليدين لله سبحانه وتعالى: اليدين اللتين بهما

<<  <  ج: ص:  >  >>