للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{بَلْ}: هنا للإضراب الإبطالي.

وانظر كيف اختلف التعبير: {بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ}، لأن المقام مقام تمدح بالكرم، والعطاء باليدين أكل من العطاء باليد الواحدة.

{مَبْسُوطَتَانِ}: ضد قولهم: {مَغْلُولَةٌ}، فيد الله تعالى مبسوطتان واسعتا العطاء:

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يد الله ملأى سحاء (كثيرة العطاء) الليل والنهار، أرأيتم ما أنفق مذ خلق السماوات والأرض، فإنه لم يغض ما فيه يمينه" (١).

من يحصى ما أنفق الله منذ خلق السماوات والأرض؟! لا يحصيه أحد! ومع ذلك لم يغض ما في يمينه.

وهذا كقوله تعالى في الحديث القدسي: "يا عبادي! لو أن أولكم وآخركم، وإنسكم وجنكم، قاموا في صعيد واحد، فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا غمس في البحر" (٢).

ولننظر إلى المخيط غمس في البحر، فإذا نزعته، لا ينقص


(١) رواه البخاري (٧٤١١) كتاب التوحيد/ باب "لما خلقت بيدي"، ومسلم (٩٩٣) عن أبي هريرة رضي الله عنه في كتاب الزكاة/ باب الحث على النفقة.
(٢) رواه مسلم (٢٥٧٧) كتاب البر/ باب تحريم الظلم من حديث أبي ذر, قال عنه الإمام أحمد: "هو أشرف حديث لأهل الشام""جامع العلوم الحكم" (٢/ ٣٤) , وقد توسع الإمام ابن رجب في شرحه في كتاب "جامع العلوم والحكم".

<<  <  ج: ص:  >  >>