للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه. وإن كان في غير ذلك؛ فهو ذم ويسمي خيانة.

ولهذا لم يصف الله نفسه به إلا على سبيل المقابلة والتقييد؛ كما قال الله تعالى: {وَمَكَرُوا مَكْراً وَمَكَرْنَا مَكْراً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [النمل: ٥٠] , {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ} [الأنفال: ٣٠]، ولا يوصف الله سبحانه وتعالى به على الإطلاق؛ فلا يقال: إن الله ماكر! لا على سبيل الخبر, ولا على سبيل التسمية؛ ذلك لأن هذا المعنى يكون مدحاً في حال ويكون ذماً في حال؛ فلا يمكن أن نصف الله به على سبيل الإطلاق.

فأما قوله تعالى: {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [آل عمران: ٥٤]؛ فهذا كمال؛ ولهذا لم يقل: أمكر الماكرينبل قال: {وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}؛ فلا يكون مكره إلا خيراً, ولهذا يصح أن نصفه بذلك؛ فنقول: هو خير الماكرين. أو نصفه بصفة المكر في سبيل المقابلة؛ أي: مقابلة من يمكر به، فنقول: إن الله تعالى ماكر بالماكرين؛ لقوله تعالى: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ}.

الآية الثانية: في المكر, وهي قوله: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} [سورة آل عمران: ٥٤].

هذه نزلت في عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام, مكر به اليهود ليقتلوه, ولكن كان الله تعالى أعظم منهم مكراً, رفعه الله، وألقى شبهه على أحدهم، على الذي تولى كبره وأراد أن يقتله, فلما دخل عليه هذا الذي يريد القتل, وإذا عيسى قد رفع,

<<  <  ج: ص:  >  >>