للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنافع، وغير ذلك مما فيه الفرقان، فكله فرقان.

{عَلَى عَبْدِهِ}: محمد عليه الصلاة والسلام، فوصفه بالعبودية في مقام التحدث عن تنزل القرآن عليه، وهذا المقام من أشرف مقامات النبي صلى الله عليه وسلم.

وله وصفه الله تعالى بالعبودية في مقام تنزل القرآن عليه، كما هنا، وكما في قوله: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} [الكهف: ١]، ووصفه بالعبودية في مقام الدفاع عنه والتحدي: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا} [البقرة: ٢٣]، ووصفه بالعبودية في مقام تكريمة بالمعراج، فقال: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [الأسراء: ١] , وقال في سورة النجم: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: ١٠]، مما يدل على أن وصف الإنسان بالعبودية لله يعد كمالاً، لأن العبودية لله هي حقيقة الحرية، فمن لم يتعبد له، كان عابداً لغيره.

قال ابن القيم رحمه الله (١).

هربوا من الرق الذي خلقوا له

وبلوا برق النفس والشيطان

و" الرق الذي خلقوا له ": عبادة الله عز وجل.

و" بلوا برق النفس والشيطان ": حيث صاروا أرقاء لنفوسهم، وأرقاء للشيطان، فما من إنسان يفر من عبودية الله، إلا وقع في عبودية هواه وشيطانه, قال الله تعالي: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ


(١) "الكافية الشافية" لابن القيم بشرح ابن عيسى (٢/ ٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>